منتديات إخوان الرسول صلى الله عليه وسلم

منتديات إخوان الرسول صلى الله عليه وسلم (http://ikhwan-alrasol.com/forum/index.php)
-   تحذير عباد الله الأخيار من عبدة الدرهم والدينار وتقليب الأجساد في النار (http://ikhwan-alrasol.com/forum/forumdisplay.php?f=128)
-   -   جزء جامع في صفات عبدة الدرهم والدينار . (http://ikhwan-alrasol.com/forum/showthread.php?t=957)

Admin 11-04-2019 01:55 AM

جزء جامع في صفات عبدة الدرهم والدينار .
 


قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :

جزء جامع في صفات عبدة الدرهم والدينار ؛ أعاذنا الله تعالى منهم وجعلنا من عباده الأخيار .

قال الله سبحانه وتعالى :

{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ

خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ

الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13) } . ( سورة

الحج ) .

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره :

قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمَا: {عَلَى حَرْفٍ} : عَلَى شَكٍّ .

وَقَالَ غَيْرُهُمْ: عَلَى طَرَفٍ. وَمِنْهُ حَرْفُ الْجَبَلِ، أَيْ: طَرَفَهُ، أَيْ: دَخَلَ فِي الدِّينِ عَلَى طَرَفٍ، فَإِنْ وَجَدَ مَا

يُحِبُّهُ اسْتَقَرَّ، وَإِلَّا انْشَمَرَ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْر ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِين،

عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَقدم الْمَدِينَةَ،

فَإِنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلَامًا، ونُتِجَت خيلُه، قَالَ: هَذَا دِينٌ صَالِحٌ. وَإِنْ لَمْ تَلِدِ امْرَأَتُهُ، وَلَمْ تُنتَج خَيْلُهُ قَالَ: هَذَا

دِينٌ سُوءٌ .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ

أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ القُمِّي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ نَاسٌ

مِنَ الْأَعْرَابِ يَأْتُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيُسْلِمون، فَإِذَا رَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، فَإِنْ وَجَدُوا عَامَ غَيث

وَعَامَ خِصْبٍ وَعَامَ وَلَادٍ حَسَنٍ، قَالُوا: "إِنَّ دِينَنَا هَذَا لَصَالِحٌ، فتمَسَّكُوا بِهِ". وَإِنْ وَجَدُوا عَامَ جُدوبة وَعَامَ

وِلَادٍ سَوء وَعَامَ قَحْطٍ، قَالُوا: "مَا فِي دِينِنَا هَذَا خَيْرٌ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ

عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} .

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا قَدم الْمَدِينَةَ، وَهِيَ أَرْضٌ وَبِيئَةٌ ، فَإِنْ صَحَّ بِهَا جِسْمُهُ،

ونُتِجت فَرَسُهُ مُهْرًا حَسَنًا، وَوَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلَامًا، رَضِيَ بِهِ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ، وَقَالَ: "مَا أَصَبْتُ مُنْذُ كنتُ عَلَى

دِينِي هَذَا إِلَّا خَيْرًا". وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ -وَالْفِتْنَةُ: الْبَلَاءُ-أَيْ: وَإِنْ أَصَابَهُ وَجَعُ المدينة، وَوَلَدَتِ امْرَأَتُهُ

جَارِيَةً، وَتَأَخَّرَتْ عَنْهُ الصَّدَقَةُ، أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَصَبْتُ مُنْذُ كُنْتُ عَلَى دِينِكَ هَذَا إِلَّا شَرًّا. وَذَلِكَ

الْفِتْنَةُ.

وَهَكَذَا ذَكَرَ قَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَابْنُ جُريج، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ، فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةَ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: هُوَ الْمُنَافِقُ، إِنْ صَلُحَتْ لَهُ دُنْيَاهُ أَقَامَ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَإِنْ فَسَدَتْ عَلَيْهِ

دُنْيَاهُ وَتَغَيَّرَتْ، انْقَلَبَ فَلَا يُقِيمُ عَلَى الْعِبَادَةِ إِلَّا لِمَا صَلُحَ مِنْ دُنْيَاهُ، فَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ أَوْ شِدَّةٌ أَوِ اخْتِبَارٌ أَوْ

ضِيقٌ، تَرَكَ دِينَهُ وَرَجَعَ إِلَى الْكُفْرِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: {انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} أَيِ: ارْتَدَّ كَافِرًا.

وَقَوْلُهُ: {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ} أَيْ: فَلَا هُوَ حَصَل مِنَ الدُّنْيَا عَلَى شَيْءٍ، وَأَمَّا الْآخِرَةُ فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ،

فَهُوَ فِيهَا فِي غَايَةِ الشَّقَاءِ وَالْإِهَانَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} أَيْ: هَذِهِ هِيَ الْخَسَارَةُ

الْعَظِيمَةُ، وَالصَّفْقَةُ الْخَاسِرَةُ.

وَقَوْلُهُ: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ} أَيْ: مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ، يَسْتَغِيثُ بِهَا

وَيَسْتَنْصِرُهَا وَيَسْتَرْزِقُهَا، وَهِيَ لَا تَنْفَعُهُ وَلَا تَضُرُّهُ، {ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ. يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ

نَفْعِهِ} أَيْ: ضَرَرُهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ فِيهَا، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَضَرَرُهُ مُحَقَّقٌ مُتَيَقَّنٌ.

وَقَوْلُهُ: {لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} : قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي الْوَثَنَ، يَعْنِي: بِئْسَ هَذَا الَّذِي دَعَا بِهِ مِنْ دُونِ

اللَّهِ مَوْلًى، يَعْنِي: وَلِيًّا وَنَاصِرًا، {وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} وَهُوَ الْمُخَالِطُ وَالْمُعَاشِرُ وَاخْتَارَه ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ الْمُرَادَ:

لَبِئْسَ ابْنُ الْعَمِّ وَالصَّاحِبُ مَنْ يَعْبُدُ [اللَّهَ] عَلَى حَرْفٍ، { فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ

عَلَى وَجْهِهِ} وَقَوْلُ مُجَاهِدٍ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوَثَنُ، أَوْلَى وَأَقْرَبُ إِلَى سِيَاقِ الْكَلَامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

( انتهى ما قاله ونقله عن أهل العلم رحمهم الله تعالى جميعا ) .

( تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير ) .


و قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى :

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ

إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ .

لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ .

وَزَادَنَا عَمْرٌو قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي

الله تعالى عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ

أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ

اللَّهِ أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ

إِنْ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ .

وَقَالَ { فَتَعْسًا } كَأَنَّهُ يَقُولُ فَأَتْعَسَهُمْ اللَّهُ { طُوبَى } فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ طَيِّبٍ وَهِيَ يَاءٌ حُوِّلَتْ إِلَى الْوَاوِ

وَهِيَ مِنْ يَطِيبُ .

( [ صحيح الإمام البخاري ] ، المعجم الأوسط للطبراني ، سنن الإمام ابن ماجة ) .


Admin 11-04-2019 01:59 AM


قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في شرحه :

قَوْلُهُ : ( وَزَادَ لَنَا عَمْرو ) اِبْن مَرْزُوقٍ هَكَذَا وَعَمْرو هُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيّ وَقَدْ صَرَّحَ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ فِي

مَوَاضِعَ أُخْرَى وَجَمِيعُ الْإِسْنَادِ سِوَاهُ مَدَنِيُّونَ وَفِيهِ تَابِعِيَّانِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَار وَأَبُو صَالِح وَالْمُرَاد بِالزِّيَادَةِ

قَوْله فِي آخِرِهِ " تَعِسَ وَانْتَكَسَ إِلَخْ " وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْم مِنْ طَرِيقٍ أَبِي مُسْلِم الْكَجِّيِّ وَغَيْره عَنْ عَمْرو

بْن مَرْزُوق وَسَيَأْتِي مَزِيدًا لِهَذَا فِي التَّمَنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

قَوْلُهُ : ( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ ) الْحَدِيث سَيَأْتِي بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ وَنَذْكُرُ شَرْحَهُ هُنَاكَ إِنْ

شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ " طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ " الْحَدِيث لِقَوْلِهِ

" إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ " .

قَوْلُهُ : ( تَعِسَ ) بِفَتْحِ أَوَّله وَكَسْرِ الْمُهْمِلَةِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَهُوَ ضِدُّ سَعِدَ تَقُولُ تَعِسَ فُلَانٌ أَيْ شَقِيَ وَقِيلَ

مَعْنَى التَّعَس الْكَبُّ عَلَى الْوَجْهِ قَالَ الْخَلِيل : التَّعَسُ أَنْ يَعْثُرَ فَلَا يَفِيقُ مِنْ عَثْرَتِهِ وَقِيلَ التَّعَسُ الشَّرُّ وَقِيلَ

الْبُعْدُ وَقِيلَ الْهَلَاكُ وَقِيلَ التَّعَسُ أَنْ يَخِرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَالنَّكَسُ أَنْ يَخِرَّ عَلَى رَأْسِهِ وَقِيلَ تَعِسَ أَخْطَأَ حُجَّتَهُ

وَبُغْيَتَهُ .

وَقَوْلُهُ " وَانْتَكَسَ " بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ عَاوَدَهُ الْمَرَضُ وَقِيلَ إِذَا سَقَطَ اِشْتَغَلَ بِسَقْطَتِهِ حَتَّى يَسْقُطَ أُخْرَى وَحَكَى

عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ " اِنْتَكَشَ " بِالْمُعْجَمَةِ وَفَسَّرَهُ بِالرُّجُوعِ وَجَعَلَهُ دُعَاءً لَهُ لَا عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .

قَوْله : ( وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ )

شِيك : بِكَسْر الْمُعْجَمَة وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة بَعْدَهَا كَافٌ وَانْتَقَشَ : بِالْقَاف وَالْمُعْجَمَةِ وَالْمَعْنَى إِذَا أَصَابَتْهُ

الشَّوْكَةُ فَلَا وَجَدَ مَنْ يُخْرِجُهَا مِنْهُ بِالْمِنْقَاشِ تَقُولُ نَقَشْتُ الشَّوْكَ إِذَا اِسْتَخْرَجْتَهُ وَذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ بَعْضَهُمْ

رَوَاهُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ الْقَافِ وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ لَكِنْ مَعَ ذِكْرِ الشَّوْكَةِ تَقْوَى رِوَايَةُ الْقَافِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ

الْأَصِيلِيِّ عَنْ أَبِي زَيْد الْمَرْوَزِيّ " وَإِذَا شِيتَ " بِمُثَنَّاة فَوْقَانِيَّة بَدَل الْكَاف وَهُوَ تَغْيِيرٌ فَاحِشٌ وَفِي الدُّعَاءِ

بِذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى عَكْسِ مَقْصُودِهِ لِأَنَّ مَنْ عَثَرَ فَدَخَلَتْ فِي رِجْلِهِ الشَّوْكَة فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْرِجُهَا يَصِيرُ عَاجِزًا

عَنْ الْحَرَكَةِ وَالسَّعْيِ فِي تَحْصِيل الدُّنْيَا وَفِي قَوْلِهِ " طُوبَى لِعَبْدٍ إِلَخْ " إِشَارَةٌ إِلَى الْحَضِّ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا

يَحْصُلُ بِهِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .

قَوْلُهُ : ( أَشْعَث ) صِفَة لِعَبْدٍ وَهُوَ مَجْرُورٌ بِالْفَتْحَةِ لِعَدَمِ الصَّرْفِ وَ " رَأْسُهُ " بِالرَّفْعِ الْفَاعِلِ قَالَ الطِّيبِي "

أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّة قَدَّمَاهُ " حَالَانِ مِنْ قَوْلِهِ " لِعَبْد " لِأَنَّهُ مَوْصُوفٌ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : يَجُوزُ الرَّفْعُ وَلَمْ

يُوَجِّهْهُ وَقَالَ غَيْرُهُ : وَيَجُوزُ فِي أَشْعَثَ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ رَأْسٍ أَيْ رَأْسُهُ أَشْعَث وَكَذَا قَوْله " مُغْبَرَّة

قَدَمَاهُ " .

قَوْله : ( إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَة كَانَ فِي السَّاقَة ) هَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ

الَّتِي اِتَّحَدَ فِيهَا الشَّرْطُ وَالْجَزَاء لَفْظًا لَكِنَّ الْمَعْنَى مُخْتَلِف وَالتَّقْدِيرَ إِنْ كَانَ الْمُهِمّ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِيهَا ،

وَقِيلَ مَعْنَى " فَهُوَ فِي الْحِرَاسَةِ " أَيْ فَهُوَ فِي ثَوَاب الْحِرَاسَة وَقِيلَ هُوَ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ

فَهُوَ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ وَالْمُرَاد مِنْهُ لَازِمُهُ أَيْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِلَوَازِمِهِ وَيَكُونُ مُشْتَغِلًا بِخُوَيْصِةِ عَمِلِهِ وَقَالَ اِبْن

الْجَوْزِيِّ : الْمَعْنَى أَنَّهُ خَامِلُ الذِّكْرِ لَا يَقْصِدُ السُّمُوَّ فَإِنْ اتَّفَقَ لَهُ السَّيْرُ سَارَ ؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ : إِنْ كَانَ فِي

الْحِرَاسَةِ اِسْتَمَرَّ فِيهَا وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَة اِسْتَمَرَّ فِيهَا .

قَوْلُهُ : ( إِنْ اِسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ )

فِيهِ تَرْكُ حُبِّ الرِّيَاسَةِ وَالشُّهْرَةِ وَفَضْلُ الْخُمُولِ وَالتَّوَاضُعِ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ

اللَّهُ تَعَالَى .

قَوْله : ( فَتَعْسًا كَأَنَّهُ يَقُولُ فَأَتْعَسَهُمْ اللَّهُ ) وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِيّ وَهِيَ عَلَى عَادَة الْبُخَارِيّ فِي

شَرْحِ اللَّفْظَةِ الَّتِي تُوَافِقُ مَا فِي الْقُرْآنِ بِتَفْسِيرِهَا وَهَكَذَا قَالَ أَهْل التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا

فَتَعْسًا لَهُمْ .

قَوْله : ( طُوبَى فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ طَيِّبٍ وَهِيَ يَاءٌ حُوِّلَتْ إِلَى الْوَاوِ وَهُوَ مِنْ يَطِيبُ ) كَذَا فِي رِوَايَةِ

الْمُسْتَمْلِيّ أَيْضًا وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ : الْمُرَادُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْجَنَّةِ لِأَنَّ طُوبَى أَشْهَرُ

شَجَرِهَا وَأَطْيَبُهُ فَدَعَا لَهُ أَنْ يَنَالَهَا ، وَدُخُولُ الْجَنَّةِ مَلْزُوم نَيْلِهَا .

( فتح الباري شرح صحيح الإمام البخاري ) .

انتهى ما قاله ونقله عن أهل العلم رحمهم الله تعالى جميعا .



الساعة الآن 10:07 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.