قال الله سبحانه وتعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلًا (4) } . ( سورة المزمل ) .
وقال الله سبحانه وتعالى :
{ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ
يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا
الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا
وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20) } .
( سورة المزمل ) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره :
يَأْمُرُ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْرُكَ التَّزَمُّلَ، وَهُوَ: التَّغَطِّي فِي اللَّيْلِ، وَيَنْهَضَ إِلَى الْقِيَامِ
لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنْفِقُونَ} [السَّجْدَةِ: 16] وَكَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُمْتَثِلًا مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ قِيَامِ
اللَّيْلِ، وَقَدْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَحْدَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ
مَقَامًا مَحْمُودًا} [الْإِسْرَاءِ: 79] وَهَاهُنَا بَيَّنَ لَهُ مِقْدَارَ مَا يَقُومُ، فَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلا
قَلِيلا} .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَالسُّدِّيُّ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} يَعْنِي: يَا أَيُّهَا النَّائِمُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمُزَّمِّلُ فِي
ثِيَابِهِ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: نَزَلَتْ وَهُوَ مُتَزَمِّلٌ بِقَطِيفَةٍ.
وَقَالَ شَبِيبُ بْنُ بِشر، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} قال: يا محمد، زُمّلتَ الْقُرْآنَ.
وَقَوْلُهُ: {نِصْفَهُ} بَدَلٌ مِنَ اللَّيْلِ {أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} أَيْ: أَمَرْنَاكَ أَنْ تَقُومَ نِصْفَ اللَّيْلِ بِزِيَادَةٍ
قَلِيلَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ قَلِيلٍ، لَا حَرَجَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ.
( انتهى ما قاله ونقله عن أهل العلم رحمهم الله تعالى جميعا ) .
( تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير ) .