قوله سمعت رسول الله r ينهى عن القزع في رواية مسلم أن رسول الله r نهى عن القزع قولـه قال عبيد الله قلت وما القزع هو موصول بالإسناد المذكور وظاهره أن المسئول هو عمر بن نافع لكن بين مسلم أن عبيد الله إنما سأل نافعا وذلك أنه أخرجه من طريق يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر أخبرني عمر بن نافع عن أبيه فذكر الحديث قال قلت لنافع وما القزع فذكر الجواب وأشار لنا عبيد الله قال إذا حلق الصبي وترك ههنا شعرة وههنا وههنا فأشار لنا عبيد الله إلى ناصيته وجانبي رأسه المجيب بقوله قال إذا حلق هو نافع وهو ظاهر سياق مسلم من طريق يحيى القطان المذكورة لفظه قال يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضا قوله قيل لعبيد الله لم أقف على تسمية القائل ويحتمل أن يكون هو ابن جريج أبهم نفسه قولـه فالجارية والغلام كأن السائل فهم التخصيص بالصبي الصغير فسأل عن الجارية الأنثى وعن الغلام والمراد به غالبا المراهق قوله قال عبيد الله وعاودته هو موصول بالسند المذكور كأن عبيد الله لما أجاب السائل بقولـه لا أدري أعاد سؤال شيخه عنه وهذا يشعر بأنه حدث عنه به في حال حياته وقد أخرج مسلم الحديث من طريق أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر قال وجعل التفسير من قول عبيد الله بن عمر ثم أخرجه من طريق عثمان الغطفاني وروح بن القاسم كلاهما عن عمر بن نافع قال وألحقا التفسير في الحديث يعني أدرجاه ولم يسق مسلم لفظه وقد أخرجه أحمد عن عثمان الغطفاني ولفظه نهى عن القزع و القزع أن يحلق فذكر التفسير مدرجا وأخرجه أبو داود عن أحمد وأما رواية روح بن القاسم فأخرجها مسلم وأبو نعيم في المستخرج وقد أخرجه مسلم من طريق عبد الرحمن السراج عن نافع ولم يسق لفظه وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من هذا الوجه فحذف التفسير وأخرجه مسلم أيضا من طريق معمر عن أيوب عن نافع ولم يسق لفظه وهو ثم عبد الرزاق في مصنفه عن معمر وأخرجه أبو داود والنسائي وفي سياقه ما يدل على مستند من رفع تفسير القزع ولفظه أن النبي r رأى صبيا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك فقال احلقوا كله أو ذروا كله قال النووي : الأصح أن القزع ما فسره به نافع وهو حلق بعض رأس الصبي مطلقا ومنهم من قال هو حلق مواضع متفرقة منه ، والصحيح الأول لأنه تفسير الراوي مخالف للظاهر فوجب العمل به قلت ألا أن تخصيصه بالصبي ليس قيدا قال النووي أجمعوا على كارهيته إذا كان في مواضع متفرقة الا للمداواة أو نحوها وهي كراهة تنزيه ولا فرق بين الرجل والمرأة وكرهه مالك في الجارية والغلام وقيل في رواية لهم لا بأس به في القصة والقفا للغلام والجارية قال ومذهبنا كراهته مطلقا قلت حجته ظاهرة لأنه تفسير الراوي واختلف في علة النهي فقيل لكونه يشوه الخلقة وقيل لأنه زي الشيطان وقيل لأنه زى اليهود وقد جاء هذا في رواية لأبي داود قوله أما القصة والقفا للغلام فلا بأس بهما القصة بضم القاف ثم المهملة والمراد بها هنا شعر الصدغين والمراد بالقفا شعر القفا والحاصل منه أن القزع مخصوص بشعر الرأس وليس شعر الصدغين والقفا من الرأس , وأخرج بن أبي شيبة من طريق إبراهيم النخعي قال لا بأس بالقصة وسنده صحيح ، وقد تطلق القصة على الشعر المجتمع الذي يوضع على الأذن أن يوصل شعر الرأس وليس هو المراد هنا وسيأتي الكلام عليه في باب الموصولة وأما ما أخرجه أبو داود من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال نهى النبي r عن القزع وهو أن يحلق رأس الصبي ويتخذ لـه ذؤابة فما أعرف القزع بذلك ، فقد أخرج أبو داود عقب هذا من حديث أنس كانت لي ذؤابة فقالت : أمي لا أجزها فإن رسول الله r كان يمدها ويأخذ بها ، وأخرج النسائي بسند صحيح عن زياد بن حصين عن أبيه أنه أتى النبي r فوضع يده على ذؤابته وسمت عليه ودعا له ومن حديث بن مسعود وأصله في الصحيحين قال قرأت من في رسول الله r سبعين سورة وأن زيد بن ثابت لمع الغلمان لـه ذؤابتان ويمكن الجمع بأن الذؤابة الجائز اتخاذها ما يفرد من الشعر فيرسل ويجمع ما عداها بالضفر وغيره والتي تمنع أن يحلق الرأس كله ويترك ما في وسطه فيتخذ ذؤابة وقد صرح الخطابي بأن هذا مما يدخل في معنى القزع والله أعلم .
كتاب :
ذكر أشعار الأنبياء و أولي العلم والنهى أعاذنا الله من بأسه في الليل والضحى.