قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
ذكر ما جاء أن السحرة والمشعوذين والكهان والعرافين عليهم لعنة الله الجبار لا يملكون لأحد من النفع و لا الضرار .
قال الله سبحانه وتعالى :
{ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) } البقرة
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره :
وقوله تعالى : { وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله } قال سفيان الثوري إلا بقضاء الله وقال محمد بن إسحاق إلا بتخلية الله بينه وبين ما أراد وقال الحسن البصري : و ما هم { بضارين به من أحد إلا بإذن الله } ؛ قال : نعم من شاء الله سلطهم عليه ومن لم يشأ الله لم يسلط ولا يستطيعون من أحد إلا بإذن الله كما قال الله تعالى وفي رواية عن الحسن أنه قال لا يضر هذا السحر إلا من دخل فيه .
وقال الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره :
القول في تأويل قوله تعالى : { وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله } يعني بقوله جل ثناؤه { وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله } وما المتعلمون من الملكين هاروت وماروت ما يفرقون به بين المرء وزوجه بضارين بالذي تعلموه منهما من المعنى الذي يفرقون به بين المرء وزوجه من أحد من الناس إلا من قد قضى الله عليه أن ذلك يضره فأما من دفع الله عنه ضره وحفظه من مكروه السحر والنفث والرقى فإن ذلك غير ضاره ولا نائله أذاه وللإذن في كلام العرب أوجه منها الأمر على غير وجه الإلزام وغير جائز أن يكون منه قوله { وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله } لأن الله جل ثناؤه قد حرم التفريق بين المرء وحليلته بغير سحر فكيف به على وجه السحر على لسان الأمة ومنها التخلية بين المأذون له والمخلى بينه وبينه ؛ ومنها العلم بالشيء يقال منه قد أذنت بهذا الأمر إذا علمت به آذن به إذنا ومنه قول الحطيئة :
ألا يا هند إن جددت وصلا و إلا فأذنيني بانصرام
يعني فأعلميني ومنه قوله جل ثناؤه { فأذنوا بحرب من الله } وهذا هو معنى الآية كأنه قال جل ثناؤه : { وما هم بضارين } بالذي تعلموا من الملكين من أحد إلا بعلم الله يعني بالذي سبق له في علم الله أنه يضره كما حدثني المثنى بن إبراهيم قال ثنا سويد بن نصر قال أخبرنا ابن المبارك عن سفيان في قوله { وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله } قال بقضاء الله .
كتاب :
تذكير من آمن بالقدر وترهيب من آمن وكفر