قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
ذكر ما جاء في صفات الخوارج الزنادقة الملحدين .
قال ابن منظور رحمه الله تعالى :
زندق الزنديق القائل ببقاء الدهر فارسي معرب وهو بالفارسية زَنْدِ كِرَايْ يقول بدوام بقاء الدهر الزَّنْدَقةُ الضِّيقُ وقـيل الزِّنْدِيقُ منه لأَنه ضيّق علـى نفسه التهذيب الزِّنْدِيقُ معروف زَنْدَقَتُه أَنه لا يؤمن بالآخرة ووَحْدانـيّة الـخالق وقال أَحمد بن يحيى لـيس زِنْدِيق ولافَرْزِين من كلام العرب ثم قال ولكن البَـياذِقةُ هم الرجّالة قال ولـيس فـي كلام العرب زِنْدِيق وإِنما تقول العرب رجل زَنْدَق وزَنْدَقِـيّ إِذا كان شديد البخـل فإِذا أَرادت العرب معنى ما تقوله العامة قالوا مُلْـحِد ودَهْرِيّ فإِذا أَرادوا معنى السِّنِّ قالوا دُهْرِيّ قال وقال سيبويه الهاء فـي زَنادِقَة وفَرازنة عوض من الـياء فـي زِنْدِيق وفَرْزِين وأَصله الزَّنادِيق الـجوهري الزِّنْدِيقُ من الثَّنَوِيَّة وهو معرب والـجمع الزَّنادِقة وقد تَزَنْدَقَ والاسم الزَّنْدَقة . ( لسان العرب ج ).
وقال ابن قتيبة رحمه الله تعالى :
وأمّا المُلحد فهو العادل الجائر عن القَصْد ومنه قول الله جلَّ وعزَّ { إِنَّ الذين يُلْحِدُون في آياتنا } أي يجورون ويَعْدِلُون ومنه سُمِّيَ اللحد لأنَّه في ناحية ولو كان مستقيما لكان ضريحا يقال ألْحدت ولَحدْت وكان الأحمر يفرِّق بينهما فيقول : ألْحدت مارَيْتُ وجادلت ولَحَدْت جُرْت ومِلْت وقد قُرِئ باللُّغَتين جميعاً يُلْحِدُون ويَلْحَدُون . ( الغريب لابن قتيبة ).
و قال ابن منظور رحمه الله تعالى :
أَبو عبـيدة : لـحَدْت له و أَلْـحَدْتُ له و لَـحَدَ إِلـى الشيء يَلْـحَدُ و التَـحَدَ : مال. و لـحَدَ فـي الدّينِ يَلْـحَدُ و أَلـحَدَ : مالَ وعدَل، وقـيل : لَـحَدَ مالَ وجارَ. ابن السكيت : الـمُلْـحِدُ العادِلُ عن الـحق الـمُدْخِـلُ فـيه ما لـيس فـيه، يقال قد أَلـحَدَ فـي الدين و لـحَدَ أَي حاد عنه، وقرئ : لسان الذي يَلْـحَدون إِلـيه، و التَـحَدَ مثله. وروي عن الأَحمر: لـحَدْت جُرْت ومِلْت، و أَلـحدْت مارَيْت وجادَلْت. و أَلـحَدَ: مارَى وجادَل. و أَلـحَدَ الرجل أَي
ظلَـم فـي الـحَرَم، وأَصله من قوله تعالـى : {ومَن يُرِدْ فـيه بإِلـحادٍ بظلـم } أَي إِلـحاداً بظلـم ، والباء فـيه زائدة؛ قال حميد بن ثور: قَدْنـي مِن نَصْرِ الـخُبَـيْبَـيْنِ قَدي، لـيس الإِمامُ بالشَّحِيح الـمُلْـحِدِ أَي الـجائر بمكة. قال الأَزهري : قال بعض أَهل اللغة معنى الباء الطرح، الـمعنى : ومن يرد فـيه إِلـحاداً بظلـم؛ وأَنشدوا : هُنَّ الـحَرائِرُ لا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ، سُودُ الـمـحاجِرِ لا يَقْرأْنَ بالسُّوَرِالـمعنى عندهم : لا يَقْرأْنَ السُّوَر. قال ابن بري : البـيت الـمذكور لـحميد بن ثور هو لـحميد الأرقط، ولـيس هو لـحميد بن ثور الهلالـي كما زعم الـجوهري. قال : وأَراد بالإِمام ههنا عبد الله بن الزبـير. ومعنى الإِلـحاد فـي اللغة الـمَيْلُ عن القصْد. و لَـحَدَ علـيَّ فـي شهادته يَلْـحَدُ لَـحْداً : أَثِمَ و لـحَدَ إِلـيه بلسانه : مال. الأَزهري فـي قوله تعالى : { لسان الذين يلـحدون إِلـيه أَعجمي وهذا لسان عربـي مبـين } قال الفراء : قرىء يَلْـحَدون فمن قرأَ يَلْـحَدون أَراد يَميلُون إِلـيه ، و يُلْـحِدون يَعْتَرِضون. قال وقوله : ومن يُرِدْ فـيه بإِلـحاد بظلم
أَي باعتراض. وقال الزجاج : ومن يرد فـيه بإِلـحادٍ، قـيل :الإِلـحادُ فـيه الشك فـي ا، وقـيل : كلُّ ظالـم فـيه مُلْـحِدٌ. وفـي الـحديث : احتكارُ الطعام فـي الـحرم إِلـحادُ فـيه أَي ظُلْـم وعُدْوان. وأَصل الإِلـحاد : الـمَيْلُ والعُدول عن الشيء. وفـي حديث طَهْفَةَ : لا تُلْططْ فـي الزكاة ولا تُلْـحِدْ فـي الـحياة أَي لا يَجْري منكم مَيْلٌ عن الـحق ما دمتم أَحياء؛ قال أَبو موسى : رواه القتـيبـي لا تُلْطِطْ ولا تُلْـحِدْ علـى النهي للواحد، قال : ولا وجه له لأَنه خطاب للـجماعة، ورواه الزمخشري : لا نُلْطِطُ ولا نُلْـحِدُ، بالنون و أَلـحَدَ فـي الـحرم : تَرَك القَصْدَ فـيما أُمِرَ به ومال إِلـى الظلـم؛ وأَنشد الأَزهري : لَـمَّا رأَى الـمُلْـحِدُ، حِينَ أُلْـحَما، صَواعِقَ الـحَجَّاجِ يَمْطُرْنَ الدّما قال : وحدثنـي شيخ من بنـي شيبه فـي مسجد مكة قال : إِنـي لأَذكر حين نَصَبَ الـمَنْـجَنِـيق علـى أَبـي قُبَـيْس وابن الزبـير قد تَـحَصَّنَ فـي هذا البـيت، فجعَلَ يَرْمِيهِ بالـحجارة والنِّـيرانِ فاشْتَعَلَتِ النـيرانُ فـي أَسْتارِ الكعبة حتـى أَسرعت فـيها، فجاءَت سَحابةٌ
من نـحو الـجُدّةِ فـيها رَعْد وبَرْق مرتفعة كأَنها مُلأَة حتـىاستوت فوق البـيت، فَمَطَرَتْ فما جاوز مطَرُها البـيتَ ومواضِعَ الطوافِ حتـي أَطفَأَتِ النارَ، وسالَ الـمِرْزَابُ فـي
الـحِجْر ثم عَدَلَتْ إِلـى أَبـي قُبَـيْس فرمت بالصاعقة فأَحرقت الـمَنْـجَنِـيق وما فـيها ؛ قال فحدَّثْت بهذا الـحديث بالبصرة قوماً، وفـيهم رجل من أَهل واسِط، وهو ابن سُلَـيْمان الطيَّار شَعْوَذِيّ الـحَجَّاج، فقال الرجل: سمعت أَبـي يحدث بهذا الـحديث؛ قال : لـمَّا أَحْرَقَتِ الـمَنْـجنِـيقَ أَمسَك الـحجاجُ عن القتال، وكتب إِلـى عبد الـملك بذلك فكتب إِلـيه عبد الـملك : أَما بعد فإِنّ بنـي إِسرائيل كانوا إِذا قَرَّبوا قُرْباناً فتقبل منهم بعث الله ناراً من السماء فأَكلته ، وإِن الله قد رضي عملك وتقبل قُرْبانك، فَجِدَّ فـي أَمرِكَ والسلام . ( لسان العرب ج ) .
كتاب :
( ترهيب المؤمنين الموحدين من اتباع الخوارج الليبراليين الانحلاليين والانسلاخ من دين رب العالمين )