قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
ذكر ما جاء أن ما قدر الله تعالى من الغيب لا يعلمه إلا هو .
{ قال الله سبحانه و تعالى : قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) } النمل
وقال الله تعالى آمرا وإخبارا لنبيه r :
{ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) } الأعراف
وقال الله سبحانه و تعالى :
{ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28) }الجن
قال حدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن داود عن الشعبي عن مسروق قال : كنت متكئا عند عائشة بنت الصديق رضي الله تعالى عنهما فقالت : يا أبا عائشة ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية قلت ما
هن ؟ قالت من زعم أن محمدا r رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية قال وكنت متكئا فجلست فقلت يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجليني ألم يقل الله عز وجل { ولقد رآه بالأفق المبين }23 التكوير { ولقد رآه نزلة أخرى }13النجم فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله r فقال : إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض فقالت أو لم تسمع أن الله يقول { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم } الشورى 51 قالت ومن زعم أن رسول الله r كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية والله يقول{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته }67 المائدة قالت ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية والله يقول { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } النمل 65 .( صحيح مسلم ) .
قال محمد بن فؤاد عبد الباقي رحمه الله تعالى في تعليقه :
( أعظم على الله الفرية ) هي الكذب يقال فرى الشيء يفريه فريا وافتراه يفتريه افتراء إذا اختلقه وجمع الفرية فرى ( أنظريني ) من الإنظار وهو التأخير والإمهال ( سادا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض ) هكذا هو في الأصول ما بين السماء إلى الأرض وهو صحيح وأما عظم خلقه فضبط على وجهين أحدهما عظم بضم العين وسكون الظاء والثاني عظم بكسر العين وفتح الظاء وكلاهما صحيح .
( صحيح مسلم ) .
قال حدثني إبراهيم بن المنذر حدثنا معن قال حدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنه هما : أن رسول الله r قال مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ولا تدري نفس بأي أرض تموت ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ).
( [ صحيح البخاري ] , مسند الإمام أحمد رحمهما الله تعالى) .
قال حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير عن عمارة ( وهو ابن القعقاع ) عن أبي زرعة عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله r : في خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله ثم قرأ { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير } 34 سورة لقمان آية . ( [صحيح مسلم ] , صحيح البخاري ) .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره :
يقول تعالى آمرا رسوله r أن يقول معلما لجميع الخلق أنه لا يعلم أحد من أهل السماوات والأرض الغيب إلا الله وقوله تعالى إلا الله استثناء منقطع أي لا يعلم أحد ذلك إلا الله عز وجل المنفرد بذلك وحده لا شريك له كما قال تعالى وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو الآية وقال تعالى إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث إلى آخر السورة والآيات في هذه كثيرة وقوله تعالى وما يشعرون أيان يبعثون أي وما يشعر الخلائق الساكنون في السماوات والأرض بوقت الساعة كما قال تعالى ثقلت في السماوات والأرض لا يأتيكم إلا بغتة أي ثقل علمها على أهل السماوات والأرض وقال ابن أبي حاتم حدثنا على بن الجعد حدثنا أبو جعفر الرازي عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت زعم أنه يعلم يعني النبي r ما يكون غد فقد أعظم على الفرية لأن الله تعالى يقول قل { لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } وقال قتادة إنما جعل الله هذه النجوم لثلاث خصال جعلها زينة للسماء وجعلها يهتدى بها وجعلها رجوما للشياطين فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال برأيه وأخطأ حظه وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به وان أناسا جهلة بأمر الله قد أحدثوا من هذه النجوم كهانة من أعرس بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا ومن سافر بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا ومن ولد بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا ولعمري ما من نجم إلا يولد به الأحمر والأسود والقصير والطويل والحسن والدميم وما علم هذا النجم وهذه الدابة وهذا الطير بشيء من الغيب , وقضى الله تعالى أنه { لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون }. رواه ابن أبي حاتم عنه بحروفه .