قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
ذكر ما جاء في وجوب التقوى للمخرج وللرزق .
قال الله سبحانه وتعالى :
{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) } الطلاق
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره :
وقوله تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) أي ومن يتق الله فيما أمره به وترك ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب أي من جهة لا تخطر بباله قال الإمام أحمد حدثنا يزيد أخبرنا كهمس بن الحسن حدثنا أبو السليل عن أبي ذر قال جعل رسول الله r يتلو علي هذه الآية { ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب } حتى فرغ من الآية ثم قال يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بها كفتهم قال فجعل يتلوها ويرددها علي حتى نعست ثم قال يا أبا ذر كيف تصنع إذا أخرجت من المدينة قلت إلى السعة والدعة أنطلق فأكون حمامة من حمام مكة قال كيف تصنع إذا خرجت من مكة قال قلت إلى السعة والدعة إلى الشام والأرض المقدسة قال وكيف تصنع إذا خرجت من الشام قلت إذا والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي قال أو خير من ذلك قلت أو خير من ذلك قال تسمع وتطيع وإن كان عبدا حبشيا وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن منصور الرمادي حدثنا علي بن عبيد حدثنا زكريا عن عامر عن شتير بن شكل قال سمعت عبد الله بن مسعود يقول إن أجمع آية في القرآن إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإن أكبر آية في القرآن فرجا ومن يتق الله يجعل له مخرجا وفي المسند حدثني مهدي بن جعفر حدثنا الوليد بن مسلم عن الحكم بن مصعب عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عبد الله ابن عباس y قال : قال رسول الله r : من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما { ومن يتق الله يجعل له مخرجا } يقول ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة ويرزقه من حيث لا يحتسب وقال الربيع بن خثيم يجعل له مخرجا أي من كل شيء ضاق على الناس وقال عكرمة من طلق كما أمره الله يجعل له مخرجا وكذا روي عن ابن عباس والضحاك وقال ابن مسعود t ومسروق ومن يتق الله يجعل له مخرجا يعلم أن الله إن شاء أعطى وإن شاء منع ويرزقه من حيث لا يحتسب أي من حيث لا يدري وقال قتادة ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب أي من شبهات الأمور والكرب عند الموت ويرزقه من حيث لا يحتسب من حيث لا يرجو ولا يأمل وقال السدي ومن يتق الله يطلق للسنة ويراجع للسنة وزعم أن رجلا من أصحاب رسول الله r يقال له عوف بن مالك الأشجعي كان له ابن وأن المشركين أسروه فكان فيهم وكان أبوه يأتي رسول الله r فيشكو إليه مكان ابنه وحاله التي هو بها وحاجته فكان رسول الله r يأمره بالصبر ويقول له إن الله سيجعل لك فرجا فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرا أن انفلت ابنه من أيدي العدو فمر بغنم من أغنام العدو فاستاقها فجاء بها إلى أبيه وجاء معه بغنم قد أصابه من المغنم فنزلت فيه هذه الآية ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب رواه ابن جرير .