قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
الفصل الثالث : النكاح
باب في أنكحة العرب في الجاهلية والإسلام وعدم النكاح فيها بنية الطلاق
عن عروة بن الزبير أن عائشة (y ) أخبرته : أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء ، فنكاح منها : نكاح الناس اليوم ، يخطب الرجل إلى الرجل وليته ، أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها , ونكاح أخر : كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه , ويعزلها زوجها فلا يمسها حتى يتبين حملها الذي تستبضع منه فإذا تبين حملها أصابها وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد ، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع . ونكاح : آخر يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها فإذا حملت ووضعت ، مر ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم ، فلم يستطيع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها ، فتقول لهم : قد عرفتم الذي كان من أمركم ، وقد ولدت فهو ابنك يا فلان ، تسمي من أحبت باسمه فتلحق به ولدها ، لا يستطيع أن يمتنع الرجل .ونكاح رابع : يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها { وهن البغايا } كن ينصبن على أبوابهن الرايات وتكون علماً ، فمن أرادهن دخل عليهن ، فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها ودعوا لها القافة ، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون , فالتاط به ودعي ابنه ، لا يمتنع من ذلك ، فلما بعث محمد r بالحق , هدم نكاح
الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم .(1)
الإستبضاع : هو أن تطلب المرأة جماع رجل لتحمل منه وينسب الولد إلى زوجها .
القافة : الذين يلحقون الولد بأبيه الذي يشبهه ، فالتاط به : ألصقه بنفسه .
قال حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب قال ثنا عمارة بن غزية الأنصاري قال ثنا الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه t قال : خرجنا مع رسول الله e يوم الفتح ، فأقمنا خمس عشرة من بين ليلة ويوم ، قال : فأذن لنا رسول الله e في المتعة , قال : وخرجت أنا وابن عم لي في أسفل مكة ، أو قال في أعلى مكة , فلقينا فتاة من بني عامر بن صعصعة كأنها البكرة العنطنطة ، قال : وأنا قريب من الدمامة وعلى برد جديد غض , وعلى ابن عمي برد خلق , قال : فقلنا لها : هل لك أن يستمتع منك أحدنا قالت : وهل يصلح ذلك ؟ قال قلنا : نعم , قال فجعلت تنظر إلى بن عمي , فقلت لها إن بردي هذا جديد غض , وبرد ابن عمي هذا خلق مح , قالت : برد ابن عمك هذا لا بأس به , قال : فاستمتع منها فلم نخرج من مكة حتى حرمها رسول الله e .(2)
______________________________________________
(1) رواه البخاري رحمه الله تعالى في كتاب النكاح باب من قال لا نكاح إلا بولي .
ورواه أبو داود رحمه الله تعالى في كتاب الطلاق في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية ، وقدم النكاح الأخير فجعله أولاً .
(2) رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في المسند .
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد في كتاب النكاح باب نكاح المتعة وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح .
( رحمهما الله تعالى ).
كتاب :
تذكير المؤمنين أولي الأخلاق بما ثبت في تحريم النكاح بنية الطلاق .