قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
ذكر كلام الأئمة أولي الأخلاق في النكاح بنية الطلاق
قلت : وفيه رد على من ادعى إجماعهم في جواز النكاح بنية الطلاق
أولا : كلام ابن القيم t النفيس في النية .
قال: وأما نكاح المحلل ففي المسند والترمذي من حديث ابن مسعود t قال : لعن الله المحلل والمحلل له, قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح .
وفي المسند من حديث أبي هريرة t مرفوعا : لعن الله المحلل والمحلل له وإسناده حسن . وفيه عن علي t ، عن النبي r مثله .
وفي سنن ابن ماجة من حديث عقبة بن عامر t قال قال رسول الله r : ألا أخبركم بالتيس المستعار ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : هو المحلل ، لعن الله المحلل والمحلل لـهفهؤلاء الأربعة من سادات الصحابة y وقد شهدوا على رسول الله e بلعنة أصحاب التحليل وهم المحلل والمحلل لـه , وهذا إما خبر عن الله فهو خبر صدق ، وإما دعاء فهو دعاء مستجاب قطعا ، وهذا يفيد أنه من الكبائر الملعون فاعلها ، (( ولا فرق عند أهل المدينة ، وأهل الحديث وفقهائهم بين اشتراط ذلك بالقول أو بالتواطؤ والقصد ، فإن القصود في العقود عندهم معتبرة ، والأعمال بالنيات ، والشرط المتواطأ عليه الذي دخل عليه المتعاقدان كالملفوظ عندهم ، والألفاظ لا تراد لعينها بل للدلالة على المعاني ، فإذا ظهرت المعاني والمقاصد فلا عبرة بالألفاظ لأنها وسائل ، وقد تحققت غاياتها ، فترتبت عليها أحكامها )). انتهى . ( زاد المعاد ج : 5 ص : 109).
وقال شيخنا عطية محمد سالم رحمه الله تعالى :
ولعل من تتمة البحث إيراد أقوال الأئمة الأربعة و غيرهم ممن لهم مذهب أو طائفة معينة .
أولا : عند الأئمة الأربعة :
(1) أبو حنيفة :
قال في فتح القدير ما نصه : و نكاح المتعة باطل .
قال في شرحه : وهو أن يقول لامرأة : أتمتع بك كذا مدة بكذا من المال . قال في الحاشية بعد مناقشة الفرق بين المتعة والوقت ، (( ومعناه المشهور أن يوجد عقداً على امرأة لا يراد به مقاصد عقد النكاح من القرار للولد وتربيته ، بل إلى مدة معينة ينتهي العقد بانتهائها أو غير معينة ، بمعنى بقاء العقد ما دامت معك إلى أن انصرفت عنك فلا عقد . ثم قال : والحاصل أن معنى المتعة عقد مؤقت ينتهي بانتهاء الوقت ، فيدخل فيه ما بمادة المتعة ، والنكاح المؤقت أيضاً ، فيكون النكاح المؤقت من أفراد المتعة ، وإن عقد بلفظ التزويج وأحضر الشهود , وما يفيد ذلك من الألفاظ التي تفيد التواضع مع المرأة على هذا المعنى ، ولوجود شبهة عند البعض في النكاح المؤقت في المذهب الحنفي نسوق نصوصه ليتبين الواقع )) .
قال في المتن :
( والنكاح المؤقت باطل ) .
قال في الشرح : مثل أن يتزوج امرأة بشهادة شاهدين إلى عشرة أيام .
وقال زفر رحمه الله :
هو صحيح لازم لأن النكاح لا يبطل بالشرط الفاسد ، ولما أنه أتى بمعنى المتعة والعبرة في العقود للمعاني ، ولا فرق بين ما إذا طالت مدة التأقيت أو قصرت لأن التأقيت هو المعنى المعين لجهة المتعة ، وقد وجد ، فهو هنا ينص على أن النكاح المؤقت باطل ، وما قيل عن زفر لا يتعارض مع المذاهب في النتيجة , لأنه يؤول إلى النكاح الدائم المطلق عن الوقت بإلغاء شرط التأقيت .
والفرق بين زفر و غيره أن هذا العقد يصح به النكاح , و تحل به المرأة ويكون دائماً لا ينتهي بالوقت ، وغيره يقول العقد من أصله فاسد , لا يحل المرأة لوجود التأقيت ، فيجددوا عقداً من جديد خالياً من التأقيت , وعلى كل فليس من إباحة المتعة .
( 2 ) مالك :
في شرح الدردير ج 1ص393 في معرض الأنكحة الفاسدة ما نصه :
قال في المتن : (وكالنكاح لأجل ) .
قال في الشرح : وهو نكاح المتعة عنى الأجل أم لا ، ويعاقب فيه الزوجان ولا يحدان على المذهب ، ويفسخ بلا طلاق . والمضر بيان ذلك في العقد للمرأة أو وليها . وأما لو أضمر الزوج في نفسه أن يتزوجها مادام في هذه البلدة أو مدة سنة ثم يفارقها فلا يضر . (1)
وهذا عند مالك , كما لو تزوجها على أنها إن صلحت لـه ، وأتفق معها . وإلا طلقها بناء على أن الخيار له في إيقاع الطلاق .
وهي عنده زوجة بكل معاني الزوجية , وحقوقها من نفقة , وعدة وميراث وطلاق ، وعدد ضمن الأربعة وقسم ، وغير ذلك فلا شبهة فيها لمتعة . وإن كان أخطأ بعض الناس في نسبة جوازها لمالك , كما أخطأ البعض في نسبة جوازها لأبي حنيفة ، وقد بينا ذلك فيما تقدم .
__________________________________________________ ___
(1) قلت : ( هذا كلام الشارح وخالف قول مالك في النكاح بنية الطلاق في المتن ) . قال مالك t: ( وليس على الرجل إذا نكح أن ينوي حبس امرأته وحبسه إن وافقته وإلا طلقها ) . التمهيد 10/123. وقال الأوزاعي t: لو تزوجها بغير شرط ولكنه ينوي أن لا يحبسها إلا شهرا أو نحوه ويطلقها فهو متعة ولا خير فيه . التمهيد 10/123 .
(3) الشافعي :
قال في المنهاج ( ولا توقيته ) أي النكاح ، وفي مغني المحتاج شرحه :
بمدة معلومة كشهر أو مجهولة كقدوم زيد وهو نكاح المتعة المنهي عنه .
(4) أحمد:
قال في منتهى الإرادات من بيان الشروط في النكاح :
فصل القسم الثاني فاسد ، وهو نوعان : نوع يبطل النكاح من أصله , وهو ثلاثة أشياء , وذكر الشغار , والمحلل ، والثالث ( نكاح المتعة ) ،
وهو أن يتزوجها إلى مدة , أو شرط طلاقها فيه بوقت , ثم قال :
( أو ينويه ) بقلبه أو يتزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج .
قال الشارح : لأنه شبيه بالمتعة .
هذا أقوال الأئمة الأربعة ، وسنورد بجانب ذلك أيضاً أقوال بعض طوائف المسلمين من غير أصحاب المذاهب الأربعة كالزيدية والظاهرية ليكون القارئ على علم عند جميع الطوائف .