قال المؤلف عفا الله تعالى :
ذكر ما جاء في النهي عن الدخول على النسوة والبيات عندهن لضعفهن .
قال تعالى : { وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقال هيت لك ، قال معاذ الله إنه
أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون } . (يوسف :23)
وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : والله لو ائتمنوني على خزائن الأرض لكنت عليها أمينا ،ولو
ائتمنوني على أمة سوداء عجماء ما كنت عليها أمينا .
وعن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلـم قال : "إياكم والدخول على
النساء" فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : "الحمو الموت" (1) .
قال الحافظ رحمه الله تعالى في شرحه : وقوله إياكم مفعول بفعل مضمر تقديره اتقوا ، وتقدير الكلام
واتقوا أنفسكم أن تدخلوا على النساء ، والنساء أن يدخلن عليكم ووقع في رواية ابن وهب بلفظ : "لا
تدخلوا على النساء" وتضمن منع الدخول منع الخلوة بها بطريق الأولى ، ونقل عن النووي رحمه الله
تعالى : قال : اتفق أهل العلم باللغة على أن الإحماء أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وأخيه وابن أخيه
وابن عمه ونحوهم ، وأن الأختان أقارب زوجة الرجل وأن الأصهار تقع على النوعين .
وكذلك قال النووي : المراد في الحديث أقارب الزوج غير أبائه وأبنائه لأنهم محارم الزوجة يجوز لهم
الخلوة بها ، ولا يوصفون بالموت ، قال وإنما المراد الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم مما يحل
لها تزويجه لو لم تكن متزوجة ، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت
وهو أولى بالمنع من الأجنبي .
وقال كذلك النووي وإنما المراد أن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيره والشر يتوقع مه أكثر من
غيره ، والفتنة به أمكن لتمكنه إلى المرأة الخلوة بها من غير نكير عليه بخلاف الأجنبي .
وقال القرطبي في [المفهم] : المعني أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت في الاستقباح
والمفسدة أي فهو معلوم التحريم ، وإنما بالغ في الزجر عنه وتشبهه بالموت لتسامح الناس به من جهة
الزوج والزوجة لألفهم بذلك حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة ، فخرج هذا مخرج قول العرب : الأسد
الموت ، والحرب الموت أي لقاؤه يفضي إلى الموت ، وكذلك دخوله على المرأة قد يقضي إلى موت
الدين أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج ، أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة .
( انتهى ما قاله ونقله عن أهل العلم رحمهم الله جميعاً ) .
قلت : وذكر الحافظ عن بعض أهل العلم أن الحمو هو أبو الزوج وأبو الزوجة ، وهذا لا يلتفت إليه لأن النهي عام وإن كان النهي على قولهم لأبي الزوج والزوجة فغيرهما أولى بالمنع . والله المستعان .
__________________________________________________ ____
(1) رواه البخاري رحمه الله تعالى في كتاب النكاح ، باب : لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذو محرم
والدخول على المغيبة .
ورواه مسلم رحمه الله تعالى في كتاب السلام ، باب : تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها .