قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
بسم الله الرحمن الرحيم
كتـاب الإيـمـان
ذكر ما جاء في تعريف الإيمان في الشرع :
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى :
قَوْله : ( قَالَ : الْإِيمَان أَنْ تُؤْمِن بِاللَّهِ إِلَخْ ) دَلَّ الْجَوَاب أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ مُتَعَلِّقَاته لَا عَنْ مَعْنَى لَفْظه ، وَإِلَّا لَكَانَ الْجَوَاب : الْإِيمَان التَّصْدِيق . وَقَالَ الطِّيبِيّ : هَذَا يُوهِم التَّكْرَار ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ قَوْله أَنْ تُؤْمِن بِاَللَّهِ مُضَمَّن مَعْنَى أَنْ تَعْتَرِف بِهِ ، وَلِهَذَا عَدَّاهُ بِالْبَاءِ ، أَيْ : أَنْ تُصَدِّق مُعْتَرِفًا بِكَذَا . قُلْت : وَالتَّصْدِيق أَيْضًا يُعَدَّى بِالْبَاءِ فَلَا يَحْتَاج إِلَى دَعْوَى التَّضْمِين . وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : لَيْسَ هُوَ تَعْرِيفًا لِلشَّيْءِ بِنَفْسِهِ ، بَلْ الْمُرَاد مِنْ الْمَحْدُود الْإِيمَان الشَّرْعِيّ ، وَمِنْ الْحَدّ الْإِيمَان اللُّغَوِيّ قُلْت : وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ إِنَّمَا أَعَادَ لَفْظ الْإِيمَان لِلِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِ تَفْخِيمًا لِأَمْرِهِ ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّل مَرَّة ) فِي جَوَاب ( مَنْ يُحْيِي الْعِظَام وَهِيَ رَمِيم ) ، يَعْنِي أَنَّ قَوْله أَنْ تُؤْمِن يَنْحَلّ مِنْهُ الْإِيمَان فَكَأَنَّهُ قَالَ : الْإِيمَان الشَّرْعِيّ تَصْدِيق مَخْصُوص ، وَإِلَّا لَكَانَ الْجَوَاب : الْإِيمَان التَّصْدِيق .
( فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني ) ( انتهى ما قاله ونقله عن أهل العلم رحمهم الله تعالى ) .
وقال ( تَنْبِيه ) : ظَاهِر السِّيَاق يَقْتَضِي أَنَّ الْإِيمَان لَا يُطْلَق إِلَّا عَلَى مَنْ صَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ ، وَقَدْ اِكْتَفَى الْفُقَهَاء بِإِطْلَاقِ الْإِيمَان عَلَى مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله ، وَلَا اِخْتِلَاف ؛ لِأَنَّ الْإِيمَان بِرَسُولِ اللَّه الْمُرَاد بِهِ الْإِيمَان بِوُجُودِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ عَنْ رَبّه ، فَيَدْخُل جَمِيع مَا ذُكِرَ تَحْت ذَلِكَ . وَاَللَّه أَعْلَم . ( فتح الباري لابن حجر ) .
قال الله سبحانه وتعالى :
{ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) } سورة الرعد .
وقال الله سبحانه وتعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي
أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا
(136) } سورة النساء .
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسنده :
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ( رضي الله عنهما ) أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا الْإِيمَانُ قَالَ : أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام
صَدَقْتَ ؛ قَالَ فَتَعَجَّبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ .
( [ مسند الإمام أحمد ] / صحيح الإمام البخاري / صحيح الإمام مسلم وغيرهم ) .
وقال الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه :
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ( رضي الله عنه ) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ.
( [ صحيح الإمام مسلم ] / صحيح الإمام البخاري / سنن الإمام أبي داود / وغيرهم ) .
وقال الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه :
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ و قَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ يَدَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ ( رضي الله عنهما ) وَبَيْنَ النَّاسِ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ تَسْأَلُهُ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ فَقَالَ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ الْوَفْدُ أَوْ مَنْ الْقَوْمُ قَالُوا رَبِيعَةُ قَالَ مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ أَوْ بِالْوَفْدِ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا النَّدَامَى قَالَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ وَإِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَيَّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَّا فِي شَهْرِ الْحَرَامِ فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ قَالَ فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ قَالَ أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسًا مِنْ الْمَغْنَمِ وَنَهَاهُمْ عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ قَالَ شُعْبَةُ وَرُبَّمَا قَالَ النَّقِيرِ قَالَ شُعْبَةُ وَرُبَّمَا قَالَ الْمُقَيَّرِ وَقَالَ احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوا بِهِ مِنْ وَرَائِكُمْ و قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَتِهِ مَنْ وَرَاءَكُمْ وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ الْمُقَيَّرِ . ( [ صحيح الإمام مسلم ] ، صحيح الإمام البخاري ) .
كتاب الإيمان من كتاب :
ثلاثة أصول وفروع الدين من وحي رب العالمين وفتوى وأمر خاتم النبيين .