الاهداء :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وإخوانه من بعده.
أخي المسلم أختي المسلمة : قد صح قول رسول الله r : ( أن تؤمن بالقدر خيره وشره ) , وصح قوله r : ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ؛ ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ) ، وصح قوله r : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) ، فإذا آمنتم بذلك أثرتم الصبر على ما يأتيكم من أذى الناس لما عند الله تعالى من الثواب العظيم , وحرصتم على سلامة الناس من أذاءكم . فضعفاء الإيمان لا يصبرون على هذا ولا ذاك ؛ و لا يرضون بما قسم الله تعالى لهم ولغيرهم من الأرزاق فيحسدون من فوقهم ويسخرون ممن تحتهم ؛ ومنهم من ينظر إلى من قدر الله تعالى له الهداية أو الضلالة فيمدح أهل ذاك ويذم أهل هذا ؛ أو لا يرضى بما قسم الله تعالى له ولهم ؛ فأين هم من سيرة الأنبياء وآبائهم وأبناءهم وأزواجهم ؛ ومن الناس من أسرف و ارتكب المعاصي والمحرمات ويئسوا من رحمة الله تعالى وما علموا أن الله تعالى يغفر الذنوب جميعا , وجهل الناس بهذه المسائل يسبب لهم الأمراض التي يسمونها بالنفسية ؛ والنفس البالغة العاقلة المكلفة لا تحب إلا الخير لها ولغيرها لما صح عن رسول الله r أنه قال : ( فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ) . وفي كتابي هذا بينت ما يجب على المؤمنين بالقدر ففيه السعادة لهم في الدارين ؛ فقد صح عن رسول الله r أنه قال : ( ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس ) , ومما لا شك فيه إن لم يكن غناها بكثرة العرض كان غناها بالإيمان عامة ومن أصول الإيمان وجوب الإيمان بالقدر خيره وشره . ومما جعلني أحرص على ما كتبت بعد تيسير الله تعالى وتوفيقه لي إلا لما رأيت من حال الناس وما وصلوا إليه ؛ وصدق الله جل وعلا القائل : { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } 103 يوسف , والقائل : { وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون } 106 يوسف , فنسأل الله تعالى أن يرزقنا الإيمان الصادق و الإسلام الخالص والإحسان في أعمالنا وأن يجعلنا هداة مهتدين أنه ولي ذلك والقادر عليه وحده , والحمد لله رب العالمين . وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه من بعده .
المؤلف