قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
ما يجزئ ويصح ويرخص في القراءة في صلوات جميع الفرائض .
وقلت : تجزئ و تصح وترخص لمن لا يحفظ غير سورتين أو نسي وصلى وكرر في الركعتين بسورة
واحدة ؛ وتجوز للإمام من يصلي بهما تبيين ذلك ؛ حتى لا يحسبها العوام أنها من السنة .
قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى :
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ أَنَّ
رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ إِذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ فِي
الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ قَرَأَ ذَلِكَ عَمْدًا .
( سنن الإمام أبي داود السجستاني ) .
وذكره الإمام النووي رحمه الله تعالى وقال :
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح.
(خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام للإمام النووي ) .
وقال الحافظ الألباني رحمه الله تعالى :
حسن . ( ضعيف وصحيح سنن الإمام أبي داود للحافظ الألباني ) .
وقال الشيخ محـمد بن علي بن محـمد بن عبد الله الشوكاني اليمني رحمه الله تعالى (1173هـ ـ
1250هـ ) :
( وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ « أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ إذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ فِي
الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ قَرَأَ ذَلِكَ عَمْدًا» رَوَاهُ أَبُو
دَاوُد) . الْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ صَرَّحُوا بِصَلَاحِيَّةِ
مَا سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد لِلِاحْتِجَاجِ، وَلَيْسَ فِي إسْنَادِهِ مَطْعَنٌ، بَلْ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَجَهَالَةُ الصَّحَابِيِّ
لَا تَضُرُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْحَقُّ. قَوْلُهُ: (يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ إذَا زُلْزِلَتْ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ قِرَاءَةِ سُورَةٍ بَعْدَ
الْفَاتِحَةِ وَجَوَازُ قِرَاءَةِ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ فِي الصُّبْحِ. قَوْلُهُ: (فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ
الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ النِّسْيَانِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ حَدِيثُ «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا
تَنْسَوْنَ» وَلَكِنْ فِيمَا لَيْسَ طَرِيقُهُ الْبَلَاغُ، قَالُوا وَلَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَذَكَّرَهُ ؛ وَاخْتَلَفُوا هَلْ مِنْ شَرْطِ
ذَلِكَ الْفَوْرُ أَمْ يَصِحُّ عَلَى التَّرَاخِي قَبْلَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قله: (أَمْ قَرَأَ ذَلِكَ عَمْدًا) تَرَدَّدَ
الصَّحَابِيُّ فِي أَنَّ إعَادَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلسُّورَةِ هَلْ كَانَ نِسْيَانًا لِكَوْنِ الْمُعْتَادِ مِنْ قِرَاءَتِهِ
أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرَ مَا قَرَأَ بِهِ فِي الْأُولَى فَلَا يَكُونُ مَشْرُوعًا لِأُمَّتِهِ أَوْ فَعَلَهُ عَمْدًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ
فَتَكُونُ الْإِعَادَةُ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَعَدَمِهَا وَإِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا أَوْ غَيْرَ مَشْرُوعٍ
فَحَمْلُ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَشْرُوعِيَّةِ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي أَفْعَالِهِ التَّشْرِيعُ وَالنِّسْيَانُ عَلَى
خِلَافِ الْأَصْلِ. وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ فِيمَا إذَا تَرَدَّدَ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَنْ يَكُونَ
جِبِلِّيًّا أَوْ لِبَيَانِ الشَّرْعِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى التَّأَسِّي بِهِ .
( انتهى ما قاله ونقله عن أهل العلم رحمهم الله تعالى جميعا ) .
( نيل الأوطار للشيخ الشوكاني ) .