العودة   منتديات إخوان الرسول صلى الله عليه وسلم > كتب وبحوث الشيخ علي بن مصطفى بن علي المصطفى السلاموني > كتاب فضل الجماعة أهل الشورى البررة وذم أهل الأحزاب الفجرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-15-2011, 12:10 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
Admin
Administrator

الصورة الرمزية Admin

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


Admin غير متواجد حالياً


افتراضي براءة رب العالمين ونبيه الأمين r ممن تشيع وفرق الدين .


قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :

الفصل الثالث عشر :

براءة رب العالمين ونبيه الأمين r ممن تشيع وفرق الدين .

قال الله سبحانه وتعالى :

) إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُون (159) (َ الأنعام .

قال محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى في تفسير المنار:
قد كانت خاتمة ما وصى الله تعالى به هذه الأمة على لسان خاتم رسله r آنفا الأمر باتباع صراطه المستقيم ، والنهي عن اتباع غيره من السبل ، وقد ذكر بعد تلك الوصايا شريعة التوراة المشابهة لشريعة القرآن ووصاياه ، مما علم به أن هذه أكمل ، لأن الأشياء إنما تكمل بخواتيمها وقفى على ذلك بالمقارنة بين أهل الكتاب والعرب أئمة أهل القرآن ، مذكرا إياهم باعتقادهم أنهم أقوى من أهل الكتاب استعدادا للهداية ، محتجا عليهم بذلك عسى أن يثوب المستعدون للإيمان إلى رشادهم ، ويكفر المعاندون في عاقبة عنادهم ، وتلا ذلك تذكيره لهم ولسائر المخاطبين بالقرآن مما ينتظر في أخر الزمان لكل من الأمم والأفراد ، ولما تمت بذلك الحجة ، ووضحت المحجة . ذكر ــ تعالى جده وجل ثناؤه ــ هذه الأمة بما هي عرضة له حسب سنن الإجماع من إضاعة الدين بعد الاهتداء به ، بمثل ما أضاعه به من قبلهم . وهو الاختلاف والتفرق فيه بالمذاهب والآراء والبدع التى تجعلهم أحزابا وشيعاً ، تتعصب كل منها لمذهب من المذاهب أو إمام فيضيع العلم وتنفصم عروة الوحدة للأمة الواحدة بعد أخوة الإيمان وتصبح أمما متعادية ليس لها مرجع متفق عليه يجمع كلمتها فيحل بها ما حل بالأمم التي تفرقت قبلها ، فقال U : ) إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شئ ( قرأ الجمهور (فرقوا دينهم : من التفريق وهو الفصل بين أجزاء الشئ الواحد وجعله فرقا وأبعاضا . وقرأ حمزة و الكسائي (فارقوا) من المفارقة للشيء وهو تركه والانفصال منه ، وهذه القراءة رويت عن علي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما ، وهي تفيد أن تفريق الدين قد يستلزم مفارقته لأنه واحد لا يتجزأ ، فمن التفريق الإيمان ببعض الكتاب دون بعض ولو بالتأويل وترك العمل ، والكفر بالبعض كالكفر بالجميع مفارقة للدين الذي لا يتجزأ ) أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض 2: 85 ( الآية ومثله الإيمان ببعض الرسل دون بعض . على أن المفارقة قد تكون للجماعة التي تقيم الدين لا أصل الدين وجحوده والكفر به أو تأويل هدايته ، وسيأتي تفصيل القول في ذلك :
ذهب بعض مفسري السلف إلى أن الآية نزلت في أهل الكتاب إذ فرقوا دين إبراهيم وموسى وعيسى فجعلوه أديانا مختلفة ، وكل منها مذاهب تتعصب لها شيع مختلفة يتعادون ويتقاتلون فيه . وذهب آخرون إلى أنها في أهل البدع والفرق الإسلامية التي مزقت وحدة الإسلام بما استحدثت من النحل والمذاهب ، وكل من القولين حق ، والصواب هو الجمع بينهما ، فإن الله تعالى بعد أن أقام حجج الإسلام في هذه السورة وأبطل شبهات الشرك ذكر أهل الكتاب وشرعهم . وأمر المستجيبين لدعوة الإسلام بالوحدة وعدم التفرق كما تفرق من قبلهم وقد فصل هذا بقوله بعد الأمر بالاعتصام والنهى عن التفرق من سورة آل عمران : ) ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاء هم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم (109 )( ، ثم بين أن رسوله r بريء من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كما فعل أهل الكتاب ، فهو يحذر ما صنعوا ، فمن اتبع سنتهم في هذا التفريق أحق ببراءة الرسول r منه بعد هذا البيان والتحذير .
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : اختلفت اليهود والنصارى قبل أن يبعث محمد r فلما بعث محمد أنزل الله تعالى عليه : ) إن الذين فرقوا دينهم ( الآية وأخرج أكثر رواة التفسير المأثور عن أبي هريرة في قوله تعالى : ) إن الذين فرقوا دينهم ( الآية . قال هم في هذه الأمة بل أخرج الحكيم الترمذي وابن جرير والطبراني وغيرهم عنه عن النبي r ((هم أهل البدع والأهواء من هذه الأمة )) وأخرج الحكيم الترمذي وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم عن عمر بن الخطاب t أن النبي r قال لعائشة ((يا عائشة إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء وأصحاب الضلالة من هذه الأمة ليست لهم توبة . يا عائشة إن لكل صاحب ذنب توبة إلا صاحب البدع وأصحاب الأهواء ليس لهم توبة . أنا منهم برئ وهم مني برآء )) وليس المعني أنهم إذا عرفوا بدعتهم وظهر لهم خطؤهم فرجعوا وتابوا إلى ربهم لا يقبل توبتهم ، بل معناه أنهم لا يتوبون لأنهم يزعمون أنهم مصيبون . انتهى ملخصاً من الدر المنثور ــ وثمة آثار رويت عن بعض السلف بأنهم الحرورية أو الخوارج مطلقاً ، ومراد قائلها أنهم منهم لا أن الآية فيهم وحدهم . وجاء في الكلام على الآية من كتاب الاعتصام للإمام أبي إسحاق إبراهيم الشاطبي مانصه :
قال ابن عطية : هذه الآية تعم أهل الأهواء والبدع والشذوذ في الفروع وغير ذلك من أهل التعمق في الجدال والخوض في الكلام ، هذه كلها عرضة للزلل ومظنة لسوء المعتقد ، ( قال الشاطبي ) يريد والله أعلم بأهل التعمق في الفروع ما ذكره أبو عمر بن عبد البر في فصل ذم الرأي من كتاب العلم له وسيأتي ذكره بحول الله . وحكى ابن بطال في شرح البخاري عن أبي حنيفة أنه قال : لقيت عطاء بن أبي رباح بمكة فسألته عن شيء فقال : من أين أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة . قال : أنت من أهل القرية الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً ؟ قلت : نعم ، قال : من أي الأصناف أنت؟ قلت: ممن لا يسب السلف ويؤمن بالقدر، ولا يكفر أحداً بذنب . فقال عطاء : عرفت فألزم . وعن الحسن قال : خرج علينا عثمان بن عفان t يوماً يخطبنا فقطعوا عليه كلامه فتراموا البطحاء ، حتى جعلت ما أبصر أديم السماء . قال : وسمعنا صوتاً من إحدى حجر أزواج النبي r فقيل : هذا صوت أم المؤمنين . قال فسمعتها وهي تقول : ألا إن نبيكم قد برئ ممن فرق دينه واحتزب ، وتلت : ) إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء ( قال القاضي إسماعيل : أحسبه يعني بقول أم المؤمنين أم سلمة وأن ذلك قد ذكر في بعض الأحاديث وقد كانت عائشة في ذاك الوقت حاجّة وعن أبي هريرة أنها نزلت في هذه الأمة . وعن أبي أمامة هم الخوارج . قال القاضي : ظاهر القرآن يدل على أن كل من ابتدع في الدين بدعة من الخوارج وغيرهم فهو داخل في هذه الآية ، لأنهم إذا ابتدعوا تجادلوا وتخاصموا وتفرقوا وكانوا شيعاً انتهى .







رد مع اقتباس
قديم 05-15-2011, 12:20 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
Admin
Administrator

الصورة الرمزية Admin

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


Admin غير متواجد حالياً


افتراضي تابع

ما أورده الشاطبي في ذم البدع بالأدلة النقلية من الباب الثاني (ج1) وأعاد الكلام عليهم في بحث تفرق الأمة في الباب السادس (ج3) فقال : إن لفظ الدين فيها يشمل العقائد وغيرها .
وأقول (1) : إن ما نقله عن القاضي من عموم الآية صحيح وهي أعم مما قال ، فمجموع الأخبار والآثار الواردة في تفسيرها تدل على شمولها للتفرق في أصول الدين وفروعه وحكومته وتولى أهله بعضهم بعضا ،فعصبية المذاهب الكلامية والفقهية كلها داخلة في ذلك ، كعصبية الخلافة والملك ، والعصبية الجنسية التي تفرق بين العربي والتركي والفارسي والهندي والملاوي إلخ بحيث يعادى المسلمون بعضهم بعضاً ويقابل بعضهم بعضاً ، كما قالت أم المؤمنين في الثورة على عثمان ــ وقد خرج بعضهم أن ذلك كان يوم مقتله __________________________________
(1) تابع لكلام محمد رشيد رضا في تفسيره رحمه الله تعالى .
ــ كما رواه عبد بن حميد في تفسيره عن الحسن قال : رأيت يوم قتل عثمان ذراع امرأة من أزواج رسول الله r قد أخرجت من بين الحائط والستر وهي تنادي : ألا إن الله ورسوله (r) بريئان من الذين

فارقوا دينهم فكانوا شيعاً .
والظاهر أن الرواية واحدة ،هذا وإن قراءة (فرقوا) وحدها لا تدل على أن كل تفرق في الدين مفارقة له وردة عنه كما تدل على ذلك قراءة (فارقوا) ، فالظاهر أن بين التفريق والمفارقة عموماً وخصوصاً من وجه ، ولكن الله تعالى يقول في سورة الروم : ) ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون( 32،31:30 فيها القراءتان أيضاً وقد قال المفسرون : إن قوله تعالى : ) من الذين فرقوا دينهم ( بدل من قوله ) من المشركين ( ، وجملة القول في تفسير الجملة أن المراد بالذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً أهل الكتاب والمراد بجعل الرسول r بريئاً منهم تحذير أمته فعلهم ، ليعلم أن من فعل فعلهم من هذه الأمة فالرسول r برئ منهم بالأولى لا كما يزعم بعض الجاهلين المضلين من أن ما ورد في الكتاب والسنة من صفات الكفار وأفعالهم خاص بهم فإذا تلبس به المسلمون لا يكون حكمهم فيه كحكم من قبلهم ، كـأن الله تبارك وتعالى أباح للمسلمين الشرك والكفر والنفاق والبدع والضلالات ، وضمن لهم جنته ورضوانه بمجرد انتسابهم إلى الإسلام ، أو إلى مذهب زيد أو عمرو من علماء الكلام ، وهذا هدم لكتاب الله تعالى وسنة رسوله r وسيرة المهتدين بهما من خير القرون . ثم بين تعالى عاقبة هؤلاء المفرقين لدينهم بقوله:) إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ( أي إنه U هو الذي يتولى وحده أمر جزائهم على مفارقة دينهم والتفريق له في الدنيا بما مضت به سنته في الاجتماع البشرى من ضعف المتفرقين ، وفشل المتنازعين ، وتسلط الأقوياء عليهم ولبسهم شيعاً يذيق بعضهم بأس بعض ، بما تثيره عداوة التفرق بينهم من التقاتل والحروب، كما بينه تعالى في آيات أخرى كقوله تعالى ) ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا ( ( 2 ، 253 ) إلخ .
وقوله :) فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون ( ( 5 : 14 ( وقوله : ) قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم ( ( 6 : 65 ) إلخ وبعد تعذيبهم بأيديهم وأيدي أعدائهم في الدنيا من الاختلاف والتفرق بتفريق الدين ، أو مفارقته اتباعاً للأهواء وما يستلزم ذلك ويجازيهم عليه في النار .
( تطبيق أو طباق في أسباب افتراق المسلمين وما آل إليه )
لافتراق هذه الأمة في دينها وما تبعه من ضعفها في دنياها أربعة أسباب كلية .
(1) السياسة والتنازع على الملك .
(2) عصبية الجنس والنسب .
(3) عصبية المذاهب في الأصول والفروع .
(4) القول في دين الله بالرأي .
وهناك سبب خامس قد دخل في كل منها ، وهو دسائس أعداء هذا الدين وكيدهم له .
فالقول في الدين بالرأي أصل لما ذكر قبله وليس له حد يقف عنده ، وآراء الناس يختلف باختلاف الزمان والمكان وشئون المعيشة وأحوال الاجتماع والدين في عقائده وعباداته وفضائله وحلاله وحرامه وضع إلهي موحى من الله تعالى ومن فوائده المدنية جمع قلوب الأفراد والشعوب الكثيرة بأقوى الروابط وأوثق العرى الثابتة والرأي يفرقها إذ قلما يتفق شخصان مستقلان فيه ، فأنى تتفق الألوف الكثيرة من الشعوب الكثيرة في الأزمنة المختلفة ؟ واجتماع الكثير بالتقليد يستلزم تفرقاً شراً من التفرق في الرأي عن دليل ، لأنة تفرق جهل لا مطمع في تلافي ضرره إلا بزواله .
تكلم علماء الكلام في تفرق المذهب وخصوه بالتفرق في الأصول دون الفروع وعللوه بأن هؤلاء قد كفر بعضهم بعضاً دون المختلفين في الفروع ، وفيه نظر والتحقيق العموم(1) كما تقدم فإن هؤلاء يصدق عليهم أيضاً أنهم فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ً ، وأنهم تعادوا في الدين تعادياً كان من أسباب ضعفه وضعف أهله وقوة أعدائهم عليهم ، وإن كان ضررهم دون ضرر المختلفين في الأصول ، على أن بعض متعصبيهم أدخلوا خلاف الأصول في الفروع فجعل بعض الحنفية التزوج بالشافعية محل نظر ، لأنها تشك في إيمانها . وعلل القول بقياسها على الأمية ، ومرادهم بشك الشافعية أو جميع الأشعرية وأهل الأثر في إيمانهم ، قولهم إتباعاً للسلف : أنا مؤمن إن شاء الله، ولو سلك الخلف في الدين مسلك __________________________________________________ _
(1) قلت : لعل مراد المؤلف رحمه الله تعالى في تقديم كلام أهل العلم والآراء على النصوص الصحيحة الثابتة .
السلف باتباع الكتاب والسنة ، والاستعانة على فهمهما بكل عالم ثقة من غير تعصب لعالم معين ، لما وقعوا في هذا الخلاف والتفرق والبغضاء والجهل بهما وهجرهما ، وما يختلف باختلاف الزمان من الأحكام القضائية والسياسية يزيله حكم الحاكم فلا يوجب تفرقا . وقد بدأ أصحاب كتب المقالات الكلامية بحث التفرق والشيع بالحديث المرفوع الذي رواه أحمد وأصحاب السنن وغيرهم من عدة طرق في ذلك وهو (( افترقت اليهود على إحدى أو أثنين وسبعين فرقة ، وتفرقت النصارى على إحدى أو إثنين وسبعين فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة )) هذا لفظ أبي داود عن أبي هريرة . ورواه من حديث معاوية بلفظ : ألا إن رسول الله r قام فينا فقال : (( إن من قبلكم من آل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ، ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة . )) وزاد في رواية (( وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجاري بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب لصاحبه ( وفي رواية بصاحبه ) لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله )) أي الكلب وهو بالتحريك الداء الذي يعرض للكلاب ولمن عضه المصاب به منها .







رد مع اقتباس
قديم 05-15-2011, 12:24 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
Admin
Administrator

الصورة الرمزية Admin

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


Admin غير متواجد حالياً


افتراضي تابع

ورواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو وأوله (( ليأتين على أمتي كما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل .. وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا ملة واحدة قالوا: من هي يا رسول الله ؟ قال : (( من كان على ما أنا عليه وأصحابي )) ، ورواه ابن ماجة من حديث حذيفة بن اليمان بسند ضعيف ومن حديث أنس بسند رجاله ثقات ، وعبر في كل منهما عن الفرقة الناجية بالجماعة .
ورواه ابن عبد البر من حديث عوف بن مالك الأشجعي (( تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة قوم يقيسون الدين برأيهم يحرمون به ما أحل الله ويحلون ما حرم الله )) وقفى عليه الحافظ ابن عبد البر في كتاب العلم بما روي من علماء الصحابة كالخلفاء الأربعة والعبادلة وغيرهم في ذم الرأي ، وقد حققنا مسألة الرأي والقياس في تفسير النهي عن السؤال من أواخر سورة المائدة ، وقد جعل الشاطبي الوجه الخامس مما ورد في النقل من ذم البدع ما جاء في ذم الرأي غير المستند إلى كتاب ولا سنة ، إذ البدع كلها كذلك . كما وعد في الكلام على الآية التي نحن بصدد تفسيرها ونقلناه عنه آنفا ، فذكر حديث عوف بن مالك وعدة آثار بمعناه ورجح شمول ذلك لما كان في الأصول والفروع جميعاً كما نقله عن القاضي إسماعيل في تفسير الآية ، ونقل بعض ما أورده ابن عبد البر من آثار السلف إلا إنحاء أهل الحديث على أبي حنيفة رحمه الله تعالى ومن أحسن كلام العلماء في ذلك قول الإمام مالك : قبض رسول الله r وقد تم هذا الأمر واستكمل ، فإنما ينبغي أن نتبع آثار رسول الله r ولا نتبع الرأي فإنه متى اتبع الرأي جاء رجل آخر أقوى في الرأي منك فاتبعته فأنت كلما جاءك رجل غلبك اتبعته أرى هذا لا يتم .انتهى ؛ وإنما يعني بهذا الرأي في الأمور الدينية من العقائد والعبادات والحلال والحرام دون الدنيا ومصالحها المدنية والسياسية والقضاء فإن من أصول مذهبه مراعاة المصالح في هذا كما بينه الشاطبي في هذا الكتاب الاعتصام أحسن بيان. وقد قال ههنا : إن الآثار المتقدمة ليست عند مالك مخصوصة بالرأي في الاعتقاد .
( أقول ) : وهذا مذهبنا الذي بيناه مرارا ، وقد حقق الشاطبي في الباب التاسع من الاعتصام (3 ج ) أن المجتهدين في المسائل الاجتهادية لا يدخلون تحت آية ) ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك،118،117( (هود) . والمسائل الاجتهادية هي التي لا نص فيها ولا إجماع (1) . ولكن الذينيتعصبون لهم فيكونون شيعاً وأحزاباً يتفرقون ويتعادون
في ذلك فهممن المختلفين ،وليسلهم عذر كعذر المجتهدين الذين قالوا وعملوا بما ظهر لهم أنه الحق ولم يكونوا يجيزون لأحد أن يقلدهم في اجتهادهم إلا إذا ظهر له صحة دليلهم فصار على بينة _________________________________
(1) قلت فيه نظر فمما لاخلاف فيه أن الله تعالى أكمل لنا الدين قال الله سبحانه وتعالى :{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }(3) المائدة ، فمن قال أن هناك مسائل في الدين ليس فيها نص يستدل به فقد أعظم الفرية ولا يخلوا من إحدى شيئين إما أن الرسول r قد كتم شيئامن الدين وقائلهذا يستتاب وإلا قتل ، أو ليس بفقيه وإن كان حفظ شرائعالدين وعلوم الأولين والأخرين والدليل على ذلك قوله r في الحديث الصحيح في يوم عرفة في حجة الوداع : أيها الناس إني والله لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا بمكاني هذا فرحم الله من سمع مقالتي اليوم فوعاها فرب حامل فقه ولا فقه له ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ( رواه الدارمي ) وغيره من أهل العلم رحمهم الله تعالىجميعا ، وأما الآراء التي تخالف النصوص الصحيحة الصريحة ولو اجتمعوا عليها فلا يخلوا من إحدى أمور أن يكون صاحب الرأي بناه على حديث ضعيف أو استدل بحديث صحيح وليس فيه دليل على رأيه المخالف أولم يكن علم فيه نص أو يكون نقل أراء بعض أهل العلم ولم يعرف أدلتهم كالمقلد ، وسنبين ذلك كله ونوضحه في رسالتنا في الأصول إن شاء الله تعالى بتيسيره ومنه إنه على كل شيء قدير وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد ما صلى عليه المصلون وغفل عنه الغافلون. المؤلف .

من الحكم . فهل يجيزون لشيعة أو حزب أن يتعصب ويعادي ويخاصم ويفرق كلمة المسلمين انتصاراً لظنونهم التي كانوا يرجعون عنها إذا ظهر لهم خطؤهم فيها ؟ . وقد أورد الشاطبي في الباب التاسع حديث افتراق الأمة المتقدم من رواية الترمذي وأبي داود وغيرهما وزاد رواية رآها في جامع ابن وهب جعل فيها الفرق 82 - إذا لم يكن النقل غلطا من النساخ - وقال : كلها في النار إلا واحدة . فسألوه r عنها فقال : (( الجماعة )) ثم تكلم عن حقيقة
الافتراق وأسبابه واستشكال كفر هذه الفرق ما عدا واحدة منها قال أهل السنة لا يكفرون كل مبتدع بل يقولون بإيمان أكثر الطوائف التي فسروا بها الفرق وذكر للعلماء أقوالا في الحديث وما يؤيده من الآيات والأحاديث ولا سيما آية الأنعام التي نحن بصدد تفسيرها وآية : ) وأن هذا صراطي مستقيما 153( التي قبلها ، ثم رجح ما كنا نراه في المسألة بادي الرأي وهو أن الحكم بكون هذه الفرق في النار ما عدا الجماعة الملتزمة لما كان عليه r هو وأصحابه لا يقتضي أنها كلها خالدة خلود الكفار بل هي مطلقة فيجوز أن يكون منها من يعذب على الكفر والعمل لأنه كفر ببدعته ومنها من يعذب على البدعة والمعصية فقط ولا يخلد في العذاب خلود الكفار المشركين أو الجاحدين لبعض ماعلم من الدين بالضرورة ثم عقد في هذا الباب مسائل في أبحاث مهمة كبحث عد هذه الفرق من الأمة وعدمه وما قيل في عددها وتعيينها وغير ذلك مما يحسن بطالب التحقيق في هذا الموضوع الاطلاع عليه .
إنتهى ما قاله في تفسير المنار ونقله عن أهل العلم رحمهم الله تعالى جميعاً .

وقال الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره :
اختلف القراء في قراءة قوله فرقوا فروي عن علي بن أبي طالب t ما حدثنا ابن وكيع قال ثنا أبي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن دينار أن عليا t قرأ : { إن الذين فارقوا دينهم }.
حدثنا ابن وكيع قال ثنا جرير قال قال حمزة الزيات قرأها علي t { فارقوا دينهم } وقال ثنا الحسن بن علي عن سفيان عن قتادة { فارقوا دينهم } وكأن عليا ذهب بقوله فارقوا دينهم خرجوا فارتدوا عنه من المفارقة .
وقرأ ذلك عبد الله بن مسعود كما حدثنا ابن وكيع قال ثنا يحيى بن رافع عن زهير قال ثنا أبو إسحاق أن عبد الله كان يقرؤها { فرقوا دينهم }. وعلى هذه القراءة أعني قراءة عبد الله قراء المدينة والبصرة وعامة قراء الكوفيين وكأن عبد الله تأول بقراءته ذلك كذلك أن دين الله واحد وهو دين إبراهيم الحنيفية المسلمة ففرق ذلك اليهود والنصارى فتهود قوم وتنصر آخرون فجعلوه شيعا متفرقة .
والصواب من القول في ذلك أن يقال إنهما قراءتان معروفتان قد قرأت بكل واحدة منهما أئمة من القراء وهما متفقتا المعنى غير مختلفتيه وذلك أن كل ضال فلدينه مفارق وقد فرق الأحزاب دين الله الذي ارتضاه لعباده فتهود بعض وتنصر آخرون وتمجس بعض وذلك هو التفريق بعينه ومصير أهله شيعا متفرقين غير مجتمعين فهم لدين الله الحق مفارقون وله مفرقون فبأي ذلك قرأ القارئ فهو للحق مصيب غير أني أختار القراءة بالذي عليه معظم القراء وذلك تشديد الراء من فرقوا .







رد مع اقتباس
قديم 05-15-2011, 12:37 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
Admin
Administrator

الصورة الرمزية Admin

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


Admin غير متواجد حالياً


افتراضي تابع


ثم اختلف أهل التأويل في المعنيين بقوله { إن الذين فرقوا دينهم } فقال بعضهم عني بذلك اليهود والنصارى ، ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عمرو قال ثنا أبو عاصم قال ثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله { وكانوا شيعا } قال يهود .
حدثني المثنى قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بنحوه .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة { فرقوا دينهم} قال هم اليهود والنصارى .
حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله:
) إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ( من اليهودوالنصارى .
حدثني محمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن المفضل قال ثنا أسباط عن السدي { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء} هؤلاء اليهود والنصارى .
وأما قوله { فرقوا دينهم } فيقول تركوا دينهم وكانوا شيعا .
حدثني محمد بن سعد قال ثني أبي قال ثني عمي قال ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا } وذلك أن اليهود والنصارى اختلفوا قبل أن يبعث محمد فتفرقوا فلما بعث محمد r نزل الله {إن الذيـن فرقـوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء }.
حدثت عن الحسين بن الفرج قال سمعت أبا معاذ يقول أخبرنا عبيد بن سليمان قال سمعت الضحاك يقول في قوله { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا } يعني اليهود والنصارى .
حدثنا ابن وكيع قال ثنا حسين بن علي عن شيبان عن قتادة { فارقوا دينهم } قال هم اليهود والنصارى .
وقال آخرون عني بذلك أهل البدع من هذه الأمة الذين اتبعوا متشابه القرآن دون محكمه ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار قال ثنا عبد الرحمن قال ثنا سفيان عن ليث عن طاووس عن أبي هريرة قال :) إن الذين فرقوا دينهم ( قال نزلت هذه الآية في هذه الأمة .
حدثنا ابن وكيع قال ثنا أبي عن سفيان عن ليث عن طاووس عن أبي هريرة : ) إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ( قال هم أهل الضلالة .
حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال ثنا بقية بن الوليد قال كتب إلي عباد بن كثير قال ثني ليث عن طاووس عن أبي هريرة y قال قال رسول الله r في هذه الآية {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء وليسوا منك } هم أهل البدع وأهل الشبهات وأهل الضلالة من هذه الأمة .
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال إن الله أخبر نبيه r أنه بريء ممن فارقدينه الحق وفرقه وكانوا فرقا فيه وأحزابا شيعا وأنه ليس منهم ولاهم منه لأن دينه الذي بعثه الله به هو الإسلام دين إبراهيم الحنيفية كما قال له ربه وأمره أن يقول قل { إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين} فكان من فارق دينه الذي بعث به r من مشرك ووثني ويهودي ونصراني ومتحنف مبتدع قد ابتدع في الدين ما ضل به عن الصراط المستقيم والدين القيم ملة إبراهيم المسلم فهو بريء من محمد r ومحمد r منه بريء وهو داخل في عموم قوله: {إن الذين فرقوا دينهم وكانواشيعا لست منهم في شيء }.
وأما قوله { لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله } فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله فقال بعضهم نزلت هذه الآية على نبي الله بالأمر بترك قتال المشركين قبل وجوب فرض قتالهم ثم نسخها الأمر بقتالهم في سورة براءة وذلك قوله{ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم }. ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن المفضل قال ثنا أسباط عن السدي قوله { لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله } ، لم يؤمر بقتالهم ثم نسخت فأمر بقتالهم في سورة براءة .
وقال آخرون بل نزلت على النبي r إعلاما من الله له أن من أمته من يحدث بعده في دينه وليست بمنسوخة لأنها خبر لا أمر والنسخ إنما يكون في الأمر والنهي .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب قال ثنا ابن إدريس قال أخبرنا مالك بن مغول عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص أنه تلا هذه الآية { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء } ثم يقول بريء نبيكم r منهم .
حدثنا ابن وكيع قال ثنا أبي وابن إدريس وأبو أسامة ويحيى بن آدم عن مالك بن مغول بنحوه .
حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثنا شجاع أبو بدر عن عمرو بن قيس الملأ قال قالت أم سلمة ليتق امرؤ أن لا يكون من رسول الله r في شيء ثم قرأت ) إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء( . قال عمرو بن قيس قالها مرة الطيب وتلا هذه الآية والصواب من القول في ذلك أن يقال إن قوله : )لست منهم في شيء ( إعلام من الله نبيه محمدا r أنه منمبتدعة أمته الملحدة في دينه بريء ومن الأحزاب من مشركي قومه ومن اليهود والنصارى وليس في إعلامه ذلك ما يوجب أن يكون نهاه عن قتالهم لأنه غير محال أن في الكلام لست من دين اليهود والنصارى في شيء فقاتلهم فإن أمرهم إلى الله في أن يتفضل على من شاء منهم فيتوب عليه ويهلك من أراد إهلاكه منهم كافرا فيقبض روحه أو يقتله بيدك على كفره ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون عند مقدمهم عليه وإذ كان غير مستحيل اجتماع الأمر بقتالهم وقوله { لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله } ولم يكن في الآية دليل واضح على أنها منسوخة ولا ورد بأنها منسوخة عن الرسول خبر كان غير جائز أن يقضى عليها بأنها منسوخة حتى تقوم حجة موجبة صحة القول بذلك لما قد بينا من أن المنسوخ هو ما لم يجز اجتماعه وناسخه في حال واحدة في كتابنا كتاب اللطيف عن أصول الأحكام .
وأما قوله { إنما أمرهم إلى الله } فإنه يقول أنا الذي إلي أمر هؤلاء المشركين فارقوا دينهم وكانوا شيعا والمبتدعة من أمتك الذين ضلوا عن سبيلك دونك ودون كل أحد إما بالعقوبة إن أقاموا على ضلالتهم وفرقتهم دينهم فأهلكهم بها وإما بالعفو عنهم بالتوبة عليهم والتفضل مني عليهم ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون يقول ثم أخبرهم في الآخرة عند ورودهم علي يوم القيامة بما كانوا يفعلون فأجازي كلا منهم بما كانوا في الدنيا يفعلون المحسن منهم بالإحسان والمسيء بالإساءة ثم أخبر جل ثناؤه ما مبلغ جزائه من جازى منهم بالإحسان أو بالإساءة فقال:{ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون }.
من كتاب :

فضل الجماعة أهل الشورى البررة وذم أهل الأحزاب والفرق والملل الفجرة

تأليف علي بن مصطفى بن علي السلاموني

عفا الله تعالى عنه وعن والديه والمسلمين أجمعين







رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:41 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات أخوان الرسول
Designed by : Elostora.com