قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
المسألة الخامسة عشر :
في النهي عن طاعة شيوخ وأمراء جماعات ( الفُرقة والضلالات )
إلا في طاعة الله تعالى ورسوله r .
قال الله سبحانه وتعالى :
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأْمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً(59)( (النساء ) .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره :
قال البخاري : حدثنا صدقة بن الفضل حدثنا حجاج بن محمد الأعور عن ابن جريج عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" قال: نزلت في عبدالله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه رسول الله r في سرية وهكذا أخرجه بقية الجماعة إلا ابن ماجه من حديث حجاج بن محمد الأعور به وقال الترمذي حديث حسن غريب ولا نعرفه إلا من حديث ابن جريج وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبى عبد الرحمن السلمي عن علي قال: بعث رسول الله r سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار فلما خرجوا وجد عليهم في شيء قال: فقال لهم: أليس قد أمركم رسول الله r أن تطيعوني؟ قالوا بلى. قال: فاجمعوا لي حطبا. ثم دعا بنار فأضرمها فيها ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها قال: فقال لهم شاب منهم إنما فررتم إلى رسول الله r من النار فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله r فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها قال فرجعوا إلى رسول الله r فأخبروه فقال لهم "لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا إنما الطاعة في المعروف" أخرجاه في الصحيحين من حديث الأعمش به. وقال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبيد الله حدثنا نافع عن عبدالله بن عمر عن رسول الله r قال "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" وأخرجاه من حديث يحيى القطان. وعن عبادة بن الصامتt قال: بايعنا رسول الله r على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال "إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان" أخرجاه. وفي الحديث الآخر عن أنس t أن رسول الله r قال "اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة" رواه البخاري وعن أبي هريرة t قال: أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا حبشيا مجدوع الأطراف. رواه مسلم وعن أم الحصين رضي الله تعالى عنها أنها سمعت رسول الله r يخطب في حجة الوداع يقول "ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله اسمعوا له وأطيعوا" رواه مسلم وفي لفظ له "عبدا حبشيا مجدوعا" وقال ابن جرير: حدثني علي بن مسلم الطوسي حدثنا ابن أبي فديك حدثني عبدالله بن محمد بن عروة عن هشام بن عروة عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة t أن النبي r قال "سيليكم ولاة بعدي فيليكم البر ببره والفاجر بفجوره فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق وصلوا وراءهم فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساءوا فلكم وعليهم" وعن أبي هريرة t أن رسول الله r قال "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء فيكثرون قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: "أوفوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم" أخرجاه. وعن أبن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r "من رأى من أميره شيئا فكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية" أخرجاه. وعن ابن عمر أنه سمع رسول الله r يقول : "من خلع يدا من طاعة لقى الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" رواه مسلم. وروى مسلم أيضا عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال: دخلت المسجد فإذا عبدالله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه فقال: كنا مع رسول الله r في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله r : الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله r فقال: إنه لم يكن نبي من قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن هذه الأمة جعلت عافيتهـا في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور ينكرونها وتجيء فتن يرفق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة فؤاده فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر قال فدنوت منه فقلت : أنشدك بالله آنت سمعت هذا من رسول الله r ؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي; فقلت له: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل بعضا بعضا والله تعالى يقول "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" قال: فسكت ساعة ثم قال: أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله. والأحاديث في هذا كثيرة.