سلسلة عمل خير القرون (9)
فضــل الجــــماعة أهـــــــل الشـــورى البررة
وذم أهل الأحزاب والملل والفرق
تأليف
علي بن مصطفى بن علي المصطفى السلاموني
عفا الله تعالى عنه وعن والديه والمسلمين أجمعين
قال حدثني شيبان بن فروخ عن عثمان البرتي عن الحسن قال:
كان عمر يقول اعتزل عدوك وتجانبه وتحرز من خليلك واحذره، ولا تفش سرك إلى فاجر فيضيعه، وشاور أهل الدين والعقل.
( أنساب الأشراف)
) بسم الله الرحمن الرحيم (
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله r .
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون َ(102) ( آل عمران .
) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي َتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(1)( النساء .
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71) ( الأحزاب.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .و بعد قال الله سبحانه وتعالى لنبيه الأمين r : )يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(67) ( المائدة .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال كنا مع رسول الله rفي سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله r الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله r فقال إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر فدنوت منه فقلت له : أنشدك الله آنت سمعت هذا من رسول الله r ، فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال سمعته أذناي ووعاه قلبي ، فقلت لـه : هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا والله يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } قال فسكت ساعة ، ثم قال : أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله . (1)
__________________________________________________ ________________
(1) رواه مسلم رحمه الله تعالى في كتاب الإمارة باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول .
وأُشهد الَلهَ تعالى أن رسوله r بلغ الرسالة ودلنا على خير ما يعلمه لنا وأنذرنا من شر ما يعلمه لنا وأعلم يا أخي رحمنا الله U وإياك والمسلمين أجمعين وهدى الضالين منا الآن وليس بعد حين أنه لا يحل لمسلم عاقل أن يترك ما أمر به الله U ورسوله الأمين r لقول أو فعل كائن من كان بالأرضين كما قال علي بن أبي طالب لعثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهما وهو يومئذ أمير المؤمنين : ما كنت لأدع سنة النبي r لقول أحد(1) . ومن يفعل ذلك فإنما هو نقص في إيمانه أو جهل بما جاءنا من الهدي وكلاهما آثم غيرمأجور على مخالفته بل وعليه إثم من تبعه إلى يوم الدين وما أحسن ما قيل من سلف هذه الأمة : ياأيها الناس اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم .
فينبغي للمسلم العاقل الحريص على زيادة الإيمان أن
__________________________________________________ ________________
(1) رواه البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الحج باب التمتع والقـِران والإفراد بالحج وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي .
يكون مرجعه لكتاب الله تعالى وسنة نبيه r وعمل الصحابة y ورسول الله r أمرنا أن نرجع إلى كتاب الله تعالى وسنته بعد أن أمرنا الله U قال تعالى : ) فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا ( (59) النساء .
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في حديثه الطويل أن رسول الله r قال : إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه r (1)
وسيرة رسول الله r فيها ما لو رجع إليه المسلمون اليوم لكان فيه الإصلاح العام الذي لا غنى عنه للبشر جميعاً فأول ما يحتاجه المسلمون هو الأمن من أعدائهم الذين يكيدون لهم في الليل والنهار للنيل منهم بقتل رجالهم __________________________________________________ _______________
(1) رواه الحاكم في كتاب العلم باب خطبته r في حجة الوداع ، وذكر رواية أخري عن أبي هريرة t ، وقال الذهبي : وله أصل في الصحيح ، وحسنه الألباني في المشكاة (رحمهم الله تعالى جميعاً ) .