قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
الفصل التاسع :
ذكر ما جاء في تشيع وتحزب هذه الأمة أعاذنا الله تعالى منهم .
قال الله سبحانه وتعالى :
) قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) ( الأنعام .
ذكر أحمد شاكر في مختصره عمدة التفسير لتفسير ابن كثير رحمهما الله تعالى :
وقوله "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم" لما قال ثم أنتم تشركون عقبه بقوله "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا" أي بعد إنجائه إياكم كقوله في سورة سبحان "ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا"
قال البخاري رحمه الله تعالى في قوله "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون" يلبسكم يخلطكم من الالتباس يلبسوا يخلطوا شيعا فرقا .
ثم روى عن جابر بن عبدالله قال لما نزلت هذه الآية "قل هو القادر علي أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم" قال رسول الله r "أعوذ بوجهك" "أو من تحت أرجلكم" قال "أعوذ بوجهك" "أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض" قال رسول الله r هذه أهون - أو - أيسر. ورواه النسائي ، والحميدي ، وابن حبان في صحيحه ، وابن جرير، وابن مردوية ، وسعيد بن منصور (1) .
وروى الإمام أحمد عن سعد بن أبي وقاص قال: أقبلنا مع رسول الله r حتى مررنا على مسجد بني معاوية فدخل فصلى ركعتين فصلينا معه فناجى ربه U طويلا ثم قال "سألت ربي ثلاثا سألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها" .
انفرد بإخراجه مسلم (2) .
وروى الإمام أحمد عن جابر بن عتيك أنه قال جاءنا عبد الله بن عمر في حرة بني معاوية - قرية من قرى الأنصار- فقال لي هل تدري أين صلى رسول الله r في مسجدكم هذا؟ فقلت نعم فأشرت إلى ناحية منه
_______________________________________
(1) البخاري 219:8(فتح) . والطبري : 13372،13366 ، 13365.
(2) المسند 1574، 1516 . ومسلم 363:2 (بولاق ) .
فقال هل تدري ما الثلاث التي دعاهن فيه؟ فقلت نعم فقال أخبرني بهن فقلت دعا أن لا يظهر عليهم عدوا من غيرهم ولا يهلكهم بالسنين فأعطيهما ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعها قال صدقت فلا يزال الهرج إلى يوم القيامة. ليس هو في شيء من الكتب الستة وإسناده جيد قوي ولله الحمد والمنة (1) .
"حديث آخر"
وروى الإمام أحمد عن معاذ بن جبل t قال: أتيت رسول الله r فقيل لي خرج قبل قال فجعلت لا أمر بأحد إلا قال مر قبل ، حتى مررت فوجدته قائما يصلي قال فجئت حتى قمت خلفه فأطال الصلاة فلما قضى صلاته قلت يا رسول الله قد صليت صلاة طويلة فقال ________________________________________
(1) المسند 5 : 445 ( حلبى ) . وذكره الهيثمي في الزوائد 7: 221 ، وقال : رواه أحمد ، ورجاله ثقات .
رسول الله r إني صليت صلاة رغبة ورهبة إني سألت الله U ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألته أن لا يهلك أمتي غرقا فأعطانيها ، وسألته أن لا يظهر عليهم عدوا ليس منهم فأعطانيها ، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فردها علي.ورواه ابن ماجة وابن مردوية ، بمثله أو نحوه (1) .
وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك أنه قال رأيت رسول الله r في سفر صلى سبحة الضحى ثماني ركعات فلما انصرف قال إني صليت صلاة رغبة ورهبة وسألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألته أن لا يبتلي أمتي بالسنين ففعل وسألته أن لا يظهر
(1) المسند 5: 240 (حلبى ) . وابن ماجة : 3951. وقال البوصيرى في زوائده : إسناده صحيح ، رجاله ثقات
عليهم عدوهم ففعل وسألته أن لا يلبسهم شيعا فأبى عليَّ.
ورواه النسائي (1) .
وروى الإمام أحمد عن خباب بن الأرت مولى بني زهرة وكان قد شهد بدرا مع رسول الله r أنه قال وافيت رسول الله r في ليلة صلاها كلها حتى كان مع الفجر فسلم رسول الله r من صلاته فقلت يا رسول الله لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت مثلها فقال رسول الله r أجل إنها صلاة رغب ورهب سألت ربي U فيها ثلاث خصال فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت ربي U أن لا يهلكنا
_______________________________________
(1) المسند 12513 ، 12616 . وإسناداه صحيحان . ورواية النسائي له إنما هي في السنن الكبرى ، كما نص عليه الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة ، ص : 134 . وذكره الهيثمي في الزوائد 2: 236 . وقال : رواه أحمد ، ورجاله ثقات . إلا أنه سقط فيه ألفاظ من متن الحديث .
بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطانيها وسألت ربي U أن لا يظهر علينا عدوا من غيرنا فأعطانيها وسألت ربي U أن لا يلبسنا شيعا فمنعنيها. ورواه النسائي وابن حبان في صحيحه والترمذي وقال : حسن صحيح (1).
"حديث آخر" وروى الإمام أحمد عن شداد بن أوس أن رسول الله r قال إن الله زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها وأن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها وإني أعطيت الكنزين الأبيض والأحمر وإني سألت ربي U أن لا يهلك أمتي بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا فيهلكهم بعامة وأن لا يلبسهم شيعا وأن لا يذيق بعضهم بأس
__________________________________________
(1) المسند 5: 108 ـ 109 (حلبى) . والترمذي 3 : 210 . ورواه الطبري : 13370 ، 13371 ، بإسنادين فيهما انقطاع ، ولكن تبين وصلهما من روايات المسند والترمذي وغيرهما .
بعض فقال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني قد أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا ممن سواهم فيهلكهم بعامة حتى يكون بعضهم يهلك بعضا وبعضهم يقتل بعضا وبعضهم يسبي بعضا قال: وقال النبي r إني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين فإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة . (1).
( ليس في شيء من الكتب الستة وإسناده جيد قوي ) .
(1) المسند : 17183 . وذكره الهيثمي في الزوائد 7 : 221 ، وقال : رواه أحمد والبزار ، ورجال أحمد رجال الصحيح . ورواه الطبري أيضاً : 13368 ، 13369 . وأشار إليه الحافظ في الفتح 8 : 221 عن رواية الطبري ، وقال : بإسناد صحيح . وقوله " زوى لى الأرض " : أى قبضها وجمعها حتى يراها جميعاً .
وروى ابن مردوية :
عن أبي مالك الأشجعي عن نافع بن خالد الخزاعي عن أبيه قال وكان أبوه من أصحاب رسول الله r وكان من أصحاب الشجرة قال كان رسول الله r إذا صلى والناس حوله صلى صلاة خفيفة تامة الركوع والسجود قال فجلس يوما فأطال الجلوس حتى أومأ بعضنا إلى بعض أن اسكتوا إنه ينزل عليه فلما فرغ قال له بعض القوم يا رسول الله لقد أطلت الجلوس حتى أومأ بعضنا إلى بعض إنه ينزل عليك قال لا ولكنها كانت صلاة رغبة ورهبة سألت الله فيها ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت الله أن لا يعذبكم بعذاب عذب به من كان قبلكم فأعطانيها وسألت الله أن لا يسلط على أمتي عدوا يستبيحها فأعطانيها وسألته أن لا يلبسكم شيعا وأن لا يذيق بعضكم بأس بعض فمنعنيها قال: قلت له أبوك سمعها من رسول الله r ؟ قال نعم سمعته يقول إنه سمعها من رسول الله r عدد أصابعي هذه ، عشر أصابع (1) .
__________________________________________________
(1) ورواه الطبري : 13367 ـ بنحوه ـ مختصراً قليلاً . وأشار إليه الحافظ في الإصابة 2 : 101 ، ونسبة للحسن بن سفيان وأبي يعلى والطبراني والطبري وغيرهم ، وقال : " رجاله ثقات " . وذكره الهيثمي في الزوائد 7 : 222 ـ 223 ، وقال : " رواه الطبراني بأسانيد ورجال بعضها رجال الصحيح غير نافع بن خالد وقد ذكره ابن أبي حاتم ، ولم يخرجه أحد . ورواه البزار " . ونافع بن خالد : ترجمه البخاري في الكبير4/2/85 ولم يذكر فيه جرحاً .