قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
المسألة الثانية :
في وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الله سبحانه وتعالى :
) مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا(80)( ( النساء) .
قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره :
قوله تعالى : ) من يطع الرسول فقد أطاع الله ( أعلم الله تعالى أن طاعة رسوله r طاعة له وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي r أنه قال : ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني و في رواية ( ومن أطاع أميري ومن عصى أميري ( قوله تعالى : ( ومن تولى ) أي أعرض ( فما أرسلناك عليهم حفيظا ) أي حافظا ورقيبا لأعمالهم إنما عليك البلاغ وقال القتبي : محاسبا فنسخ الله هذا بآية السيف وأمره بقتال من خالف الله ورسوله r .
وقال سبحانه وتعالى :
)وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا(81)( ( النساء) .
قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره:
قوله تعالى : ) ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون ( أي أمرنا طاعة ويجوز طاعة بالنصب أي نطيع طاعة وهي قراءة نصر بن عاصم والحسن والجحدري وهذا في المنافقين في قول أكثر المفسرين أي يقولون إذا كانوا عندك : أمرنا طاعة أو نطيع طاعة وقولهم هذا ليس بنافع لأن من لم يعتقد الطاعة ليس بمطيع حقيقة لأن الله تعالى لم يحقق طاعتهم بما أظهروه فلو كانت الطاعة بلا اعتقاد حقيقة لحكم بها لهم فثبت أن الطاعة بالاعتقاد مع وجودها ( فإذا برزوا ) أي خرجوا ( من عندك بيت طائفة منهم ) فذكر الطائفة لأنها في معنى مجرد القول لا يفيد شيئا كما ذكرنا فإنهم قالوا : طاعة ولفظوا بها ولم يحقق الله طاعتهم ولا حكم لهم بصحتها لأنهم لم يعتقدوها فثبت أنه لا يكون المطيع مطيعا إلا باعتقادها مع وجودها قوله تعالى : ) فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا أفلا يتدبرون القرآن ( قوله تعالى : ) فأعرض عنهم ( أي لا تخبر بأسمائهم عن الضحاك يعني المنافقين وقيل : لا تعاقبهم ثم أمره بالتوكل عليه والثقة به في النصر على عدوه ويقال : إن هذا منسوخ بقوله تعالى : ) ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين ( ثم عاب المنافقين بالإعراض عن التدبر في القرآن والتفكر فيه وفي معانيه تدبرت الشيء فكرت في عاقبته وفي الحديث ( لا تدابروا ( أي لا يولي بعضكم بعضا دبره وأدبر القوم مضى أمرهم إلى آخره والتدبير أن يدبر الإنسان أمره كأنه ينظر إلى ما تصير إليه عاقبته ودلت هذه الآية وقوله تعالى : ) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ( على وجوب التدبر في القرآن ليعرف معناه فكان في هذا رد على فساد قول من قال : لا يؤخذ من تفسيره إلا ما ثبت عن النبي r ومنع أن يتأول على ما يسوغه لسان العرب وفيه دليل على الأمر بالنظر والاستدلال وإبطال التقليد وفيه دليل على إثبات القياس قوله تعالى : ) ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافا كثيرا ( أي تفاوتا وتناقضا عن ابن عباس وقتادة وإبن زيد ولا يدخل في هذا اختلاف ألفاظ القراءات وألفاظ الأمثال والدلالات ومقادير السور والآيات وإنما أراد اختلاف التناقض والتفاوت وقيل : المعنى لو كان ما تخبرون به من عند غير الله لاختلف وقيل : إنه ليس من متكلم يتكلم كلاما كثيرا إلا وجد في كلامه اختلاف كثير إما في الوصف واللفظ وإما في جودة المعنى وإما في التناقض وإما في الكذب فأنزل الله U القرآن وأمرهم بتدبره لأنهم لا يجدون فيه إختلافا في وصف ولا ردا له في معنى ولا تناقضا ولا كذبا فيما يخبرون به من الغيوب وما يسرون رجال وأدغم الكوفيون التاء في الطاء لأنهما من مخرج واحد واستقبح ذلك الكسائي في الفعل وهو عند البصريين غير قبيح ومعنى بيت زور وموه وقيل : غير وبدل وحرف أي بدلوا قول النبي r فيما عهده إليهم وأمرهم به والتبيت التبديل ومنه قول الشاعر :
أتوني فلم أرض ما بيتوا وكانوا أتوني بأمر نكر
لأنكح أيمهم منذرا وهل ينكح العبد حر لحر
آخر :
بيت قولي عبد المليك قاتله الله عبدا كفورا