قال المؤلف عفا الله تعالى :
المسألة الثانية : ذكر ما جاء في كلام أهل العلم رحمهم الله تعالى في الشبق .
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى :
( فيمن به شبق ولا يصبر )
أجمع أهل العلم على ان المظاهر إذا لم يجد الرقبة ولم يستطع الصيام أن فرضه إطعام ستين مسكينا
على ما أمر الله تعالى في كتابه وجاء في سنة نبيه صلى الله عليه وسلـم سواء عجز عن الصيام لكبر أو
مرض يخاف بالصوم تباطؤه والزيادة فيه أو الشبق فلا يصبر فيه عن الجماع فان أوس بن الصامت لما
أمره رسول الله صلى الله عليه وسلـم بالصوم قالت امرأته يا رسول الله انه شيخ كبير ما به من صيام
قال " فيطعم ستين مسكينا " ولما أمر سلمة بن صخر بالصيام قال وهل اصبت ما اصبت الا من الصيام
؟ قال " فاطعم " فنقله إلى الاطعام لما أخبره ان به من الشبق والشهوة ما يمنعه من الصيام وقسنا على
هذين ما يشبههما في معناهما ويجوز ان ينتقل إلى الاطعام إذا عجز عن الصيام للمرض وان كان مرجو
الزوال لدخوله في قوله تعالى ( فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ) ولأنه لا يعلم ان له نهاية فأشبه
الشبق ، ولا يجوز ان ينتقل لأجل لان السفر لا يعجزه عن الصيام وله نهاية ينتهي إليها وهو من أفعاله
الاختيارية . ( الشرح الكبير للإمام ابن قدامة ) .
وقال الفقيه شيخ الحنابلة بمصر في عصره منصور بن يونس بن صلاح الدين البهوتى الحنبلى
(1000- 1051هـ ) رحمه الله تعالى :
وَلِمَا أَمَرَ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ بِالصِّيَامِ قَالَ وَهَلْ أَصَبْتُ مَا أَصَبْتُ إلَّا مِنْ الصِّيَامِ قَالَ فَأَطْعِمْ فَنَقَلَهُ إلَيْهِ لِمَا
أَخْبَرَهُ أَنَّ بِهِ مِنْ الشَّبَقِ وَالشَّهْوَةِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ الصَّوْمِ وَقِيسَ عَلَيْهِمَا مَنْ فِي مَعْنَاهُمَا.
( دقائق أولي النهى لشرح المنتهى المعروف بشرح منتهى الإرادات للإمام البهوتي )
وقال الشيخ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ بْنِ مُلَّا أَحْمَدَ الدَّاغِسْتَانِيِّ رحمه الله تعالى :
فَصْلٌ ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْمًا لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ ، وَلَوْ رُجِيَ بُرْؤُهُ ) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْوُجُوبِ ( أَوْ يَخَافُ
زِيَادَتَهُ ) أَيْ : الْمَرَضِ ( أَوْ تَطَاوُلَهُ ) بِصَوْمِهِ ( أَوْ ) لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْمًا ( لِشَبَقٍ ) لَا يَصْبِرُ فِيهِ عَنْ جِمَاعِ
الزَّوْجَةِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غَيْرِهَا ، أَوْ لِضَعْفٍ عَنْ مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا ( أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ) إجْمَاعًا ؛ لِقَوْلِهِ
تَعَالَى { فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا } { وَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْسَ بْنَ
الصَّامِتِ بِالصَّوْمِ قَالَتْ امْرَأَتُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ : فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا }
{ وَلَمَّا أَمَرَ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ بِالصِّيَامِ قَالَ : وَهَلْ أَصَبْت مَا أَصَبْت إلَّا مِنْ الصِّيَامِ ؟ قَالَ : فَأَطْعِمْ } ، فَنَقَلَهُ
إلَيْهِ لَمَّا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بِهِ مِنْ الشَّبَقِ وَالشَّهْوَةِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ الصَّوْمِ .
( مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى ) .
وقال الإمام مُوَفَّقُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُدَامَةَ الْمَقْدِسِيُّ رحمه الله تعالى :
{ وَلَمَّا أَمَرَ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ بِالصِّيَامِ قَالَ : وَهَلْ أَصَبْت الَّذِي أَصَبْت إلَّا مِنْ الصِّيَامِ ، قَالَ : فَأَطْعِمْ } . فَنَقَلَهُ
إلَى الْإِطْعَامِ لَمَّا أَخْبَرَ أَنَّ بِهِ مِنْ الشَّبَقِ وَالشَّهْوَةِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ الصِّيَامِ . ( المغني للإمام ابن قدامة ) .
وقال الشيخ محمـد بن إسماعيل الصنعاني رحمه الله تعالى :
فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يُجْعَلُ الشَّبَقُ إلَى الْجِمَاعِ عُذْرًا يَكُونُ لَهُ مَعَهُ الْعُدُولُ إلَى الْإِطْعَامِ وَيُعَدُّ صَاحِبُ الشَّبَقِ غَيْرَ
مُسْتَطِيعٍ لِلصَّوْمِ ؟ قُلْت : هُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ سَلَمَةَ . وَقَوْلُهُ فِي الِاعْتِذَارِ عَنْ التَّكْفِيرِ بِالصِّيَامِ وَهَلْ أَصَبْت
الَّذِي أَصَبْت إلَّا مِنْ الصِّيَامِ وَإِقْرَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُذْرِهِ . وَقَوْلُهُ أَطْعِمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عُذْرٌ
يُعْدَلُ مَعَهُ إلَى الْإِطْعَامِ.
( سبل السلام للشيخ الصنعاني ) .