قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
ذكر ما جاء إن الله تعالى قد أكمل الدين وأنه على من يدع النسخ في الأحكام الشرعية لابد له من الدليل من القرآن والسنة.
قال الله سبحانه وتعالى :
{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) } سورة المائدة .
وقال الله سبحانه وتعالى :
{ مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107) } سورة البقرة .
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره :
القول في تأويل قوله تعالى : { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ }
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله : (ما ننسخ من آية) : ما ننقل من حكم آية ، إلى غيره فنبدله ونغيره. وذلك أن يحول الحلال حراما ، والحرام وأصل " النسخ " من" نسخ الكتاب " ، وهو نقله من نسخة إلى أخرى غيرها. فكذلك معنى "نسخ" الحكم إلى غيره ، إنما هو تحويله ونقل عبارته عنه إلى غيرها. فإذا كان ذلك معنى نسخ الآية ، فسواء - إذا نسخ حكمها فغير وبدل فرضها ، ونقل فرض العباد عن اللازم كان لهم بها - أَأُقر خطها فترك ، أو محي أثرها ، فعفِّي ونسي ، إذ هي حينئذ في كلتا حالتيها منسوخة ، والحكم الحادث المبدل به الحكم الأول ، والمنقول إليه فرض العباد ، هو الناسخ . يقال منه : "نسخ الله آية كذا وكذا ينسخه نسخا ، و " النُّسخة " الاسم . وبمثل الذي قلنا في ذلك كان الحسن البصري يقول :
حدثنا سوار بن عبد الله العنبري قال، حدثنا خالد بن الحارث قال، حدثنا عوف، عن الحسن أنه قال في قولهما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها)، قال: إن نبيكم صلى الله عليه وسلـم أقرئ قرآنا ، ثم نسيه فلم يكن شيئا ، ومن القرآن ما قد نسخ وأنتم تقرءونه .