قال المؤلف عفا الله تعالى عنه :
سادسا : قول الحافظ ابن كثير في تفسيره . ورخصة الإمام احمد في قوليه وأئمة الحنابلة رحمهم الله
تعالى .
وقال الله سبحانه وتعالى :
{ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ
مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ
بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24) } .
( سورة النساء ) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره :
وقد استدل بعموم هذه الآية على نكاح المتعة ، ولا شك أنه كان مشروعًا في ابتداء الإسلام ، ثم نسخ
بعد ذلك . وقد رُويَ عن ابن عباس وطائفة من الصحابة القولُ بإباحتها للضرورة ، وهو رواية عن
الإمام أحمد بن حنبل ، رحمهم الله تعالى . وكان ابن عباس ، وأبيّ بن كعب ، وسعيد بن جُبَيْر، والسُّدِّي
يقرءون : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة ". وقال مجاهد : نزلت في
نكاح المتعة .
( تفسير الحافظ ابن كثير ) .
قلت : وما ذكره الحافظ غير ما ذكرنا عنه من استدلال في المنع من نكاح المتعة ، فقد تم الرد عليه في
مسائل أخرى بفضل الله تعالى .
أما فتوى الإمام أحمد رحمه الله تعالى فهي الصحيح فحرمها رحمه الله تعالى على المقتدر على الزواج والمحصن ومازالت زوجته عنده
؛ وكرهها ولم يحرمها على المضطر كغيره من الصحابة رضي الله تعالى عنهم جميعا ؛ ومن تبعهم ووافقهم من أهل العلم رحمهم الله
تعالى ؛ وبما جمعت وثبت وصح ذلك عنهم في رسالتي هذه .
قال محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد الكلوذَاني، أَبُو الخطاب البغدادي الفقيه. أحد أئمة المذهب وأعيانه (432 - 510 هـ ). رحمه
الله تعالى :
ونِكَاحُ المُتْعَةِ: وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِلَى مُدَّةٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بَاطِلٌ. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ فِيْهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أنَّهُ مَكْرُوهٌ ويَصِحُّ، نَقَلَهَا ابنُ مَنْصُوْرٍ، وَعَنْهُ
: أنَّهُ سَأَلَ هَلْ للعَامِّيِّ أَنْ يُقَلِّدَ مَنْ يُفْتي بِمُتْعَةِ النِّسَاءِ؟ فَقَالَ: يَجْتَنِبُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ، ومَعْنَاهُ الأَوَّلُ أَنْ لاَ يُقَلِّدَهُ؛ لأَنَّ المُتْعَةَ تَجُوزُ عِنْدَهُ أو
تُحْمَلُ عَلَى أنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَطَلَ التَّأْقِيْتُ وصَحَّ النِّكَاحُ ويَجْتَنِبُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ.
وَعَنْهُ (1): أنَّهُ سَأَلَ هَلْ للعَامِّيِّ أَنْ يُقَلِّدَ مَنْ يُفْتي بِمُتْعَةِ النِّسَاءِ؟ فَقَالَ: يَجْتَنِبُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ، ومَعْنَاهُ الأَوَّلُ أَنْ لاَ يُقَلِّدَهُ؛ لأَنَّ المُتْعَةَ تَجُوزُ
عِنْدَهُ أو تُحْمَلُ عَلَى أنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَطَلَ التَّأْقِيْتُ وصَحَّ النِّكَاحُ ويَجْتَنِبُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ.
__________
(1) نقل صالح وعبد الله وحنبل: نكاح المتعة حرام. ونقل ابن منصور: أنَّهُ سأله عن متعة النساء، تقول: إنها حرام، قَالَ: يجتنبها
أحب إليّ. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين .
( الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محـمد بن حنبل الشيباني للإمام محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد الكلوذَاني ) .
وقال الإمام أبو محـمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محـمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة
المقدسي ابن قدامة المقدسي (541 -620هـ ) رحمه الله تعالى :
[ مَسْأَلَة نِكَاحُ الْمُتْعَةِ ]
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ) مَعْنَى نِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ مُدَّةً، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي شَهْرًا، أَوْ سَنَةً، أَوْ إلَى
انْقِضَاءِ الْمَوْسِمِ، أَوْ قُدُومِ الْحَاجِّ. وَشِبْهَهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً أَوْ مَجْهُولَةً. فَهَذَا نِكَاحٌ بَاطِلٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فَقَالَ: نِكَاحُ الْمُتْعَةِ
حَرَامٌ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِيهَا رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ غَيْرُ حَرَامٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَنْصُورٍ سَأَلَ أَحْمَدَ عَنْهَا، فَقَالَ: يَجْتَنِبُهَا أَحَبُّ إلَى. وَقَالَ فَظَاهِرُ هَذَا
الْكَرَاهَةُ دُونَ التَّحْرِيمِ. وَغَيْرُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا يَمْنَعُ هَذَا، وَيَقُولُ: فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ فِي تَحْرِيمِهَا.
وَقَالَ زُفَرُ: يَصِحُّ النِّكَاحُ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهَا جَائِزَةٌ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِ عَطَاءِ وَطَاوُسٍ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ
وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَجَابِرٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشِّيعَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ فِيهَا، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ
قَالَ: « مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفَأَنْهَى عَنْهُمَا، وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا؛ مُتْعَةُ النِّسَاءِ، وَمُتْعَةُ الْحَجِّ. » وَلِأَنَّهُ
عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ، فَيَكُونُ مُؤَقَّتًا، كَالْإِجَارَةِ. وَلَنَا مَا رَوَى الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي، أَنَّهُ حَدَّثَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» . وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَرَّمَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ.» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
( المغني للإمام ابن قدامة الجماعيلي المقدسي الدمشقي الحنبلي ) .